للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعيّ في قوله: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١)} قال: نزلت وهو في قطيفة.

قوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} سبب نزولها: ما أخرجه الحاكم عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما أنزلت {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (٢)} قاموا سنة حتى ورمت أقدامهم، فأنزلت: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ}.

التفسير وأوجه القراءة

١ - {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١)} أي: المتزمل؛ أي (١): المتلفّف بثيابه، من تزمّل بثيابه إذا: تلفّف بها وتغطى، فأدغم التاء في الزاي، فقيل: المزمّل بتشديدين. كان - صلى الله عليه وسلم - نائمًا بالليل متزمّلًا في قطيفة؛ أي: دثار مخمل، فأمر أن يترك التزمل إلى التشمر للعبادة، ويختار التهجد على الهجود. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: أول ما جاءه جبريل خافه، فظن أن به مسًّا من الجن، فرجع من جبل حراء إلى بيت خديجة مرتعدًا، وقال: زملوني. فبينما هو كذلك إذ جاءه جبريل، وناداه وقال: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ}.

وعن عكرمة أن المعنى: يا أيها الذي زمل أمرًا عظيمًا؛ أي: حُمِّلَهُ. يعني: النبوة والرسالة. والزمل: الحمل، وازدمله: تحمّله، وكان يقرأ {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١)} بتخفيف الزاي، وفتح الميم المشددة اسم مفعول.

وقرأ الجمهور (٢): {الْمُزَّمِّلُ} بتشديد الزاي وكسر الميم المشدّدة، أصله: المتزمل، فأدغمت التاء في الزاي. وقرأ أبي بن كعب، وأبو العالية، وأبو مجلز وأبو عمران، والأعمش {يا أيها المتزمّل} على الأصل. وقرأ عكرمة وابن يعمر {المُزَمَّلُ} بتخفيف الزاي وفتح الميم المشدّدة على صيغة اسم المفعول من زمّل المضعّف. ومثل هذه القراءة قول امرىء القيس:

كَأَنَّ بَشِيْرًا فِيْ أَفَانِيْنِ وَبَلِهِ ... كَبِيْرُ أُنَاسٍ فِي لِحَادِ مُزَمَّلِ

قال السهيليّ: ليس المزمل من أسمائه - صلى الله عليه وسلم - التي يعرف بهاما ذهب إليه بعض


(١) روح البيان.
(٢) البحر المحيط وزاد المسير.