إجازته في قوانين الدولة، والناس في الآخرة أشبه بأنواع السمك في البحر الملح، وأنواع الطير في جوِّ السماء، لكل منها جو لا تتعداه، هكذا لكل من الصالحين درجةٌ في الآخرة لا يتعدَّاها، بل يجد نفسه مقهورًا على البقاء فيها، كما أنّ السمك منه ما هو قريب من سطح الماء، ومنه ما يوجد تحت سطح الماء بمئات الأمتار وآلافها، وإلى ذلك يشير قوله تعالى:{وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا}.
أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال: يُهدى أهل الجنة إلى بيوتهم ومساكنهم، وحيث قسم الله لهم منها، لا يخطئون، كأنهم ساكنوها منذ خلقوا، لا يستدلون عليها.
٧ - ثمّ وعدهم سبحانه بنصرهم على أعدائهم إذا نصروا دينه، بقوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} بالله ورسوله {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ}؛ أي: إن تنصروا دين الله ورسوله {يَنْصُرْكُمْ} الله سبحانه على أعدائكم، ويفتح لكم {وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} في مواطن الحرب ومواقفها، أو على محجة الإِسلام، وتثبيت الأقدام: عبارة عن النصر والمعونة في مواطن الحرب.
واعلم (١): أنّ النصرة على وجهين:
الأول: نصرة العبد، وذلك بإيضاح دلائل الدين، وإزالة شبهة القاصرين، وشرح أحكامه وفرائضه وسننه وحلاله وحرامه والعمل بها، ثم بالغزو والجهاد لإعلاء كلمة الله، وقمع أعداء الدين، إما حقيقة كمباشرة المحاربة بنفسه، وإما حكمًا بتكثير سواد المجاهدين بالوقوف تحت لوائهم، أو بالدعاء لنصرة المسلمين، وخذلان الكافرين بأن يقول: اللهمّ انصر من نصر الدين، واخذل من خذل المسلمين، ثم بالجهاد الأكبر، بأن يكون عونًا لله على النفس حتى يصرعها ويقتلها فلا يبقى من هواها أثر.
والثاني: نصرة الله تعالى، وذلك بإرسال الرسل، وإنزال الكتب، وإظهار