للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٢١ - {عَالِيَهُمْ} ظرف على أنه خبر مقدم {ثِيَابُ سُنْدُسٍ} مبتدأ مؤخّر. والجملة حال من ضمير {عَالِيَهُمْ}؛ أي: يطوف على الأبرار ولدان عاليًا على المطوف عليهم ثياب سندس؛ أي: فوقهم وعلى ظهوره ثياب سندس. والسندس: هو الديباج الرقيق الفاخر الحسن. وإضافة الثياب إلى السندس كإضافة الخاتم إلى الفضة. وقوله: {خُضْرٌ} بالرفع صفة {ثِيَابُ}. وهو جمع أخضر كحمر جمع أحمر. والضمير في {عَالِيَهُمْ} للأبرار المطوف عليهم كما مرّ آنفًا؛ لأنّ المقام مقام تعداد نعيمهم وكرامتهم، فالمناسب أن تكون الثياب الموصوفة لهم لا للولدان الطائفين. وعن الإِمام: أنَّ المراد فوق خيامهم المضروبة عليهم، والمعنى: أن حجالهم من الحرير والديباج، وهذا من علامات الملك. {وَإِسْتَبْرَقٌ} بالرفع عطفًا على {ثِيَابُ} بحذف المضاف؛ أي: ثياب استبرق، وهو معرَّب استبره بمعنى الغليظ، وهو بقطع الهمزة لكونه اسما للديباج الغليظ الذي له بريق.

وقرأ الجمهور (١): {ثَمَّ} بفتح المثلثة. وقرأ حميد والأعرج {ثُمَّ} بضمها حرف عطف، وجواب {إذا} على هذا محذوف؛ أي: وإذا رميت ببصرك ثم رأيت نعيمًا وملكًا كبيرًا ترى عجبًا عجيبًا وصنعًا بديعًا، لا يقادر قدره، ولا يدرك كنهه. وقرأ عمر (٢) وابن عباس، والحسن، ومجاهد، والجحدريّ، وأهل مكة، وجمهور السبعة {عَالِيَهُمْ} بفتح الياء وضم الهاء، على أنه ظرف في محل رفع على أنه خبر مقدم، و {ثِيَابُ} م مبتدأ مؤخّر كأنه قيل: فوقهم ثياب سندس. قال الفرّاء: إن عاليهم بمعنى فوقهم، وكذا قال ابن عطية. قال أبو حيان: عالٍ وعالية اسم فاعل، فيحتاج في كونهما ظرفين إلى أن يكون منقولًا من كلام العرب، وقد تقدمه إلى هذا الزجاج كما مرّ. وقال: هذا مما لا نعرفه في الظروف، ولو كان ظرفًا .. لم يجز إسكان الياء، ولكنّه نصب على الحال من شيئين. أحدهما: الهاء والميم في قوله: {يطوف عليهم}؛ أي: على الأبرار {وِلْدَانٌ} عاليًا لأبرار {ثِيَابُ سُنْدُسٍ}؛ أي: يطوف عليهم في هذه الحال. والثاني: أن يكون حالًا من الولدان؛ أي: إذا رأيتهم .. حسبتهم لؤلؤًا منثورًا في حال علو الثياب أبدانهم. وقال أبو علي الفارسي: العامل في الحال إما {لقاهم نضرة وسرورًا}، وإما {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا}، وقال: ويجوز أن


(١) البحر المحيط.
(٢) البحر المحيط والشوكاني.