للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فوق بعض أو مرفوعة على الأسرة أو رفيعة القدر أو مرتفعة وارتفاعها كما بين السماء والأرض. وهو مسيرة خمس مئة عام. والظاهر: أن الفراش هو ما يفترش للجلوس عليه، والنوم. وقال أبو عبيده، وغيره: إنَّ الفرش هنا كناية عن النساء اللواتي في الجنة؛ لأن المرأة يكنى عنها بالفراش، وباللباس وبالإزار. وفي الحديث: "الولد للفراش". فسمى المرأة فراشًا. وارتفاعهن كونهن على الأرائك، أو كونهن مرتفعات القدر في الحسن، والكمال.

٣٥ - دل عليه قوله تعالى: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (٣٥)}؛ لأن الضمير عائد على الفرش في قول أبي عبيدة، إذ هن النساء عنده. وعلى ما دل عليه الفرش إذا كان المراد بالفرش ظاهر ما يدل عليه لفظ الفرش من الملابس التي تفرش، ويضطجع عليها. وهو النساء؛ أي: ابتدأنا خلقهن ابتداء جديدًا من غير ولادة إبداء وإعادة. أما الإبداء فكما في الحور العين؛ لأنهن أنشأهن الله في الجنة من غير ولادة. وأمّا الإعادة فكما في نساء الدنيا المقبوضة عجائز. وفي الحديث: "هنّ اللواتي قبضن في دار الدنيا عجائز شمطًا" جمع شمطاء. والشمط: بياض شعر الرَّأس يخالطه سواد. "رُمْصًا" جمع رمصاء. والرمص بالتحريك. وسخ يجتمع في الموق. جعلهن الله تعالى بعد الكبر أترابًا على ميلاد واحد في الاستواء، كلما أتاهن أزواجهن وجدوهن أبكارًا. فلما سمعت عائشة رضي الله عنها ذلك قالت: وَا وجعاه. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ليس هناك وجعٌ". وقد فعل الله في الدنيا بزكريا عليه السلام، فقال تعالى: {وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ}. سئل الحسن عن ذلك الصلاح، فقال: جعلها شابة بعد أن كانت عجوزًا، وولودًا بعد أن كانت عقيمًا.

٣٦ - وذلك قوله تعالى: {فَجَعَلْنَاهُنَّ} بعد أن كن عجائز ثيبات {أَبْكَارًا}؛ أي: شواب أبكارًا؛ أي: عذارى، لم يطمئهن إنس قبلهم ولا جان. جمع بكر. والمصدر البكارة بالفتح، وسميت التي لم تفتض بكرًا اعتبارًا بالثيب لتقدمها عليها فيما يراد له النساء. قال سعدي المفتي: إن أريد بالإنشاء معنى الإبداء، فالجعل بمعنى الخلق، وقوله: {أَبْكَارًا} حال. إن أريد به: الأعادة فهو بمعنى التصيير، و {أَبْكَارًا} مفعوله الثاني. قال بعضهم: {فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (٣٦)} على أن المراد بهن: نساء الدنيا؛ لأن المخلوقة ابتداء معلوم أنها بكر. وهن أفضل، وأحسن من حور الجنة؛ لأنهن عملن الصالحات في الدنيا، بخلاف الحور. وعن الحسن محمد الله تعالى عنه: قالت عجوز عند عائشة ضي الله عنها من بني عامر: يا رسول الله أدع الله أن