للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المصلحين، فيرشدوها إلى تغير ما بأنفسها من الفساد، فيغير الله ما بها، وهذا من استئخار الهلاك، أو منعه عنها قبل مجيء أهلها.

وخلاصة معنى الآية: أن لكل أمة أجلا لا يتأخرون عنه إذا جاء ولا يتقدمون عليه أيضا، فيهلكوا قبل مجيئه، ونحو الآية قوله: {ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ (٥)} - صلى الله عليه وسلم -.

٣٥ - {يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ}؛ أي يا بني آدم إن يأتكم رسل من أبناء جنسكم من البشر {يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي}؛ أي: يتلون عليكم آياتي التي أنزلتها عليكم لبيان ما آمركم به من صالح الأعمال، وترك ما أنهاكم عنه من الشرك والرذائل وقبيح الأعمال {فَمَنِ اتَّقى} واجتنب منكم ما نهيته عنه {وَأَصْلَحَ} نفسه بفعل ما أوجبته عليه {فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} من عذاب الآخرة حين يخاف غيرهم {وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} حين الجزاء على ما فاتهم في الدنيا، أما حزنهم على عقاب الآخرة فيرتفع بما حصل لهم من زوال الخوف.

وحكمة كون الرسول منهم (١): أنه أقطع لعذرهم، وأظهر في الحجة عليهم إذ معرفتهم بأحواله تبين لهم أن المعجزات التي ظهرت على يديه إنما هي بقدرة الله لا بقدرته إلى ما في ذلك من حصول الألفة، فالجنس يألف بالجنس ويركن إليه، ومن ثم قال: {وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكًا لَجَعَلْناهُ رَجُلًا}.

وقرأ أبيّ والأعرج (٢): {إما تأتينكم} - بالتاء على تأنيث الجماعة - {ويَقُصُّونَ} محمول على المعنى إذ ذاك؛ إذ لو حمل على اللفظ لكان تقص.

٣٦ - {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا} المنزلة على أحد من رسلنا {وَاسْتَكْبَرُوا} عَنْها؛ أي: امتنعوا عن اتباع من جاء بها حسدا له على الرياسة، وتفضيلا لأنفسهم عليه، أو لقومهم على قومه فـ {أُولئِكَ} المكذبون المستكبرون عنها {أَصْحابُ النَّارِ} ملازمون لها {هُمْ فِيها}؛ أي: ماكثون فيها مكثا لا نهاية له.


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.