فيما سبق وصف واحد ينبىء عن شأنهم سواه كما ذكر للفريقين الآخرين. واستعير اليمين للتيمن والسعادة، قاله الراغب.
٩١ - {فَسَلَامٌ لَكَ}؛ أي: فتبشره الملائكة، وتقول له: سلام لك يا صاحب اليمين {مِنْ} إخوانك {أَصْحَابِ الْيَمِينِ} يسلمون عليك عند الموت وبعده. فيكون السلام إشارة له إلى أنه من أهل الجنة، قال في "الإرشاد": هذا إخبار من جهته تعالى بتسليم بعضهم على بعض، كما يفصح عنه اللام. لا حكاية لإنشاء سلام بعضهم على بعض، وإلا لقيل: عليك. والالفتات إلى خطاب كل واحد منهم للتشريف.
٣ - ٩٢ {وَأَمَّا إِنْ كَانَ} المتوفى {مِنَ الْمُكَذِّبِينَ} بالحق {الضَّالِّينَ} عن الهدى، وهم أصحاب الشمال. عبر عنهم بذلك حسبما وصفوا به عند بيان أحوالهم بقوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (٥١)} ذمًّا لهم بذلك وإشعارًا بسبب ما ابتلوا به من العذاب. وهو تكذيب البعث ونحوه
٩٣ - {فَنُزُلٌ}؛ أي: فله نزل كائن {مِنْ حَمِيمٍ}؛ أي: من ماء حار يشرب بعد أكل الزقوم، كما فصل من قبل.
٩٤ - {وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ}؛ أي: وإدخال في النار. وقيل: إقامة فيها، ومقاساة لألوان عذابها. وقيل: ذلك ما يجده في القبر من سموم النار، ودخانها. وهو مصدر مضاف إلى المفعول.
والمعنى: أي فيقدم ضيافة له ماء حميم يصهر به ما في بطنه والجلود، ويدخل في النار التي تغمره من جميع جهاته.
وقرأ الجمهور (١){وَتَصْلِيَةُ} رفعًا عطفًا على {فَنُزُلٌ}. وقرأ أحمد بن موسى، والمتقري، واللؤلؤي عن أبي عمرو بجر التاء عطفًا على {مِنْ حَمِيمٍ}؛ أي: فنزل من حميم ومن تصلية جحيم.
٩٥ - ولما انقضى الإخبار بتقسيم أحوالهم، وما آل إليه كل قسم منهم أكد ذلك بقوله:{إِنَّ هَذَا} الذي ذكر في هذه السورة من أمر البعث الذي كذبوا به، ومن قيام الأدلّة عليه، ومن حال المقربين، وأصحاب اليمين، وحال المكذبين الضالين. {لَهُوَ حَقُّ} الخبر {الْيَقِينِ} الذي لا شك فيه لتظاهر الأدلة القاطعة عليه، كأنه