{الدعاءُ} رفعا بـ {يُسْمِعُ}، أسند الفعل إلى الدعاء اتساعًا والمفعول الثاني محذوف، كأنه قيل: ولا يسمع النداء الصم شيئًا.
٤٦ - ثُمَّ بيَّن سرعة تأثرهم من العذاب حين مجيئه، إثر بيان عدم تأثرهم به حين مجيء خبره فقال:{وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ}؛ أي: وعزتي وجلالي، لئن أصابتهم {نَفْحَةٌ}؛ أي: قطع ودفعة، أو فوحة وشمةٌ، أو شيء قليل {مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ} من غاية الاضطراب وشدة الحيرة {يَا وَيْلَنَا} ويا هلاكنا احضر إلينا، فهذا أوانك {إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ} أنفسنا، بكفرنا بالله تعالى وتكذيبنا رسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ أي: ليدعون على أنفسهم بالويل والهلاك، ويعترفون عليها بالظلم حين تصامّوا وأعرضوا عن الحق.
والمعنى: أي (١) ولئن أصاب هؤلاء المستعجلين للعذاب، أدنى قسط من عقاب ربك بكفرهم به، وتكذيبهم برسوله .. ليقولون إنا كنا ظالمين لأنفسنا، بعبادتنا الآلهة والأنداد، وتركنا عبادة الذي برأنا وأنعم علينا، وجحودنا لما يجب علينا من الشكر له، بالإخلاص في عبادته.
والخلاصة: أنهم يوم القيامة، حين يمسَّهم العذاب، يدعون على أنفسهم بالويل والثبور وعظائم الأمور، ويقولون: هلاكًا لنا، إنا ظلمنا أنفسنا بكفرنا بمن خلقنا، وخضوعنا لمن لا يضرُّ ولا ينفع، ويندمون على ما فُرّط منهم، ولات ساعة مندم.
٤٧ - ثم بيَّن الأحداث، التي ستقع حين يأتي ما أنذروا به، فقال: ونضع الموازين العادلة التي توزن بها صحائف الأعمال، ونحضرها لأجل جزاء يوم القيمة، فاللام للتعليل. وقيل: بمعنى في؛ أي: في يوم القيامة، أو توزن الأعمال باعتبار التجوهر والتجسم. وهذا قتل أئمة السلف. وقال مجاهد وقتادة والضحاك: المراد أو الوزن العدل بينهم، فلا يظلم عباده مثقال ذرة فمن أحاطت حسناته بسيئاته، ثقلت موازينه؛ أي: ذهبت حسناته بسيئاته، ومن أحاطت سيئاته