للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

القطع؛ أي: فأنا أواري سوأة أخي، فيكون أواري مرفوعًا.

وقرأ الزهري: {سَوَةَ أَخِي} بحذف الهمزة، ونقل حركتها إلى الواو، ولا يجوز قلب الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها؛ لأن الحركة عارضة، كهي في سمول لغة في سموءل. وقرأ أبو حفص: {سوة أخي} بقلب الهمزة واوًا وإدغام الواو فيه، كما قالوا في شيء: شيّ، وفي سيئة: سيَّة. قال الشاعر:

وَإِنْ رَأَوْا سَيَّةً طَارُوُا بِهَا فَرَحًا ... مِنِّي وَمَا عَلِمُوْا مِنْ صَالِحٍ دَفَنُوْا

٣٢ - وقوله: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ} الجمهور على أنَّه متعلق بقوله كتبنا الآتي، فحينئذ هو كلام مستأنف لا يوقف عليه، فالوقف على قوله: {مِنَ النَّادِمِينَ} تام؛ أي: (١) من أجل ذلك المذكور من أنواع المفاسد الحاصلة بسبب القتل الحرام، وهي حصول خسارة الدين، والدنيا، وحصول الندم، والحسرة، والحزن في القلب.

ويروى عن نافع أنَّه كان يقف على اسم الإشارة، ويجعله من تمام الكلام الأول، وحينئذ الجار والمجرور متعلق بما قبله، واسم الإشارة عائد على {قتل قابيل هابيل}. والمعنى: فأصبح قابيل من النادمين من أجل قتله هابيل وعدم موارته له التراب. وقرأ ابن القعقاع: {مِن اجل ذلك} بكسر الهمزة وحذفها، ونقل حركتها إلى الساكن قبلها، كما قرأ ورش {منَ اجل} بحذفها وفتحها ونقل الحركة إلى النون، وقرأ الجمهور بفتح الهمزة، والمعنى على مذهب الجمهور: من أجل جناية قابيل على هابيل، وبسبب جريمته ومعصيته {كَتَبْنَا}؛ أي: أوجبنا وفرضنا في التوراة {عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ}؛ أي: أن الشأن والحال {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا} واحدة من بني آدم {بِغَيْرِ نَفْسٍ}؛ أي: بغير قتل نفس يوجب الاقتصاص {أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ}؛ أي: أو بغير فساد يوجب إهدار الدم، من كفر أو زنا أو قطع طريق. والمعنى (٢): أن نبأ ابني آدم هو الذي تسبب عنه الكتب المذكور على بني إسرائيل، وعلى هذا جمهور المفسرين، وخص بني


(١) المراح.
(٢) الشوكاني.