للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الكفر والنفاق، وجميع الرذائل، وهداه إلى الحق والفضائل .. موجهات إلى أمة الدعوة، وهم جميع الناس، والمؤمنون قد اختصوا بما تثمره هذه الصفات الثلاث، من الرحمة؛ لأنهم هم الذين ينتفعون بها،

٥٨ - ثم أمر الله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يبلغ المؤمنين، بأنه يحق لهم أن يفرحوا بفضل الله عليهم بنعمة الإيمان، وبالرحمة الخاصة بهم، الجامعة لكل ما ذكر قبلها من مقاصد الشريعة فقال: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ} والباء (١) في {بِفَضْلِ اللَّهِ} متعلقة بمحذوف، استغنى عن ذكره، لدلالة ما تقدم عليه وهو قوله: {قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ}، والفضل هنا بمعنى: الإفضال، ويكون معنى الآية على هذا: يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم، وشفاء لما في الصدور، وهو القرآن، بإفضال الله عليكم وإحسانه لكم، ورحمته بكم وإرادته الخير لكم {فَبِذَلِكَ} الفضل والرحمة {فَلْيَفْرَحُوا} لا بما جمعوا من حطام الدنيا، وقيل: الباء في {بِفَضْلِ اللَّهِ} متعلقة بفعل يفسره قوله: {فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} والتقدير: بفضل الله وبرحمته فليفرحوا فبذلك فليفرحوا، والتكرير للتأكيد والتقرير وإيجاب اختصاص الفضل، والرحمة بالفرح دونما عداهما من فوائد الدنيا.

قال الواحدي: الفاء في قوله تعالى: {فَلْيَفْرَحُوا} زائدة، كقول الشاعر:

فَإِذا هَلَكْتُ فَعِنْدَ ذَلِكَ فَاجْزَعِيْ

فالفاء في قوله: فاجزعي زائدة. وقيل: الفاء داخلة لمعنى الشرط، كأنه قيل: إن فرحوا بشيء .. فليخصوهما بالفرح، فإنه لا مفروح به أحق منهما. والفرح: لذة في القلب بإدراك المحبوب والمشتهي، يقال: فرحت بكذا، إذا أدركت المأمول، ولذلك أكثر ما يستعمل الفرح في اللذات البدنية الدنيوية، واستعمل هنا، فيما يرغب فيه من الخيرات.

ومعنى الآية: ليفرح المؤمنون بفضل الله وبرحمته؛ أي: بما آتاهم الله من المواعظ وشفاء الصدور وثلج اليقين بالإيمان وسكون النفس إليه، ذكره الخازن.

أي: قل (٢) لهم ليفرحوا بفضل الله وبرحمته؛ أي: إن كان شيء في الدنيا


(١) الخازن.
(٢) المراغي.