عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "نصرت بالصَّبا، وأهلكت عاد بالدبور" وعن النعمان بن مقرِّن قال: (شهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان إذا لم يقاتل من أول النهار .. أخر القتال حتى تزول الشمس، وتهب الرياح، وينزل النصر) أخرجه أبو داود.
ثم أمرهم الله سبحانه وتعالى بالصبر على شدائد الحرب، وأخبرهم بأن الله مع الصابرين في كل أمر ينبغي الصبر فيه، فقال:{وَاصْبِرُوا} عند لقاء عدوكم، ولا تنهزموا عنهم {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} بالنصر والمعونة، وعن عبد الله بن أبي أوفى أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أيامه التي لقي فيها العدو انتظر حتى إذا مالت الشمس .. قام فيهم، فقال:"أيها الناس، لا تتمنوا لقاء العدو، وأسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف" ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم مُنْزِلَ الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم" متفق عليه.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله: "لا تتمنوا لقاء العدو، فإذا لقيتموهم فاصبروا" متفق عليه.
والمعنى: واصبروا على الشدائد، وعلى ما تلاقونه من بأس العدو واستعداده، وكثرة عدده، فالله مع الصابرين، يمدهم بمعونته وتأييده، ومن كان الله معينًا له .. فلا يغلبه غالبٌ، ويا حبَّذا هذه المعية، التي لا يغلب من رزقها غالبٌ، ولا يؤتى صاحبها من جهة من الجهات وإن كانت كثيرةً.
٤٧ - ثم نهاهم عن أن تكون حالتهم كحالة الذين خرجوا من ديارهم بطرًا ورئاء الناس، وهم قريش، فقال:{وَلَا تَكُونُوا} في الاستكبار والفخر {كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ} مكة، لحماية العير، حالة كونهم {بَطَرًا}؛ أي: بطرين، فرحين مرحين، أشد البطر والفرح، أو خرجوا لأجل البطر والفرح، والبطر: شدة الفرح، أو الطغيان، أو كفران النعم، (و) حالة كونهم {رِئَاءَ النَّاسِ}؛ أي: مرائين الناس، أو لأجل الرياء، فإنهم خرجوا يوم بدر ليحفظوا العير التي مع أبي سفيان، ومعهم القيان والمعازف، فلما بلغوا الجحفة .. أتاهم رسول أبي سفيان، وقال: ارجعوا إلى مكة؛ فقد سلمت عيركم، فأبوا إلا إظهار الجلادة والقوة