الآية {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} وقال جبريل {وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ} فهم قد سألوا الرسول كيف جبريل في نفسه، وكيف يقوم بتبليغ الوحي.
والثالث: أنّ المراد بالروح هنا الذي يحيا به بدن الإنسان، وهذا قول الجمهور، ويكون ذكر الآية بين ما قبلها وما بعدها اعتراضًا للدلالة على خسارة الظالمين، وضلالهم، وأنهم مشتغلون عن تدبّر الكتاب، والانتفاع به إلى التعنت بسؤالهم عما اقتضت الحكمة سدّ الطريق على معرفته، ويؤيد هذا ما روي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: مرّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفر من اليهود فقال بعضهم: سلوه عن الروح، وقال بعضهم: لا تسألوه، يسمعكم ما تكرهون، فقاموا إليه، وقالوا: يا أبا القاسم، حدثنا عن الروح، فقام ساعة ينظر، فعرفت أنّه يوحى إليه، ثم قال:{وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} الآية،
٨٦ - ولما ذكر سبحانه أنه ما أتاهم من العلم إلّا قليلا .. بيَّن أنه لو شاء أن يأخذ منهم هذا القليل .. لفعل، فقال:{وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ} و {اللام} الأولى موطئة للقسم المحذوف، والثانية {لام} الجواب، وهذا الجواب ساد مسد جوابي القسم، والشرط، والمعنى: وعزتي وجلالي لو شئنا لنمحون بالقرآن الذي أوحينا إليك يا محمد من الصدور والمصاحف، ولا نترك له أثرًا، وبقيت كما كنت أولًا لا تدري ما الكتاب ولا الإيمان {ثُمَّ} بعد ذهابه ومحوه {لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلًا} لا تجد لنفسك برده علينا {عَلَيْنا وَكِيلًا} أي كفيلًا يرده عليك، وناصرًا لك علينا ينصرك فيحول بيننا وبين ما نريد بك، ولا قيمًا لك يمنعنا من فعل ذلك بك، وعبارة البيضاوي هنا، أي: لا تجد من يتوكل علينا باسترداده مسطورًا محفوظًا اهـ؛ أي: من يتعهد، ويلتزم استرداده بعد رفعه كما يلتزم الوكيل ذلك فيما يتوكل عليه اهـ «شهاب».
وهذا (١) الكلام وارد على سبيل الفرض، والمحال يصح فرضه لغرض، فكيف ما ليس بمحال؟
٨٧ - {إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ}؛ أي: إلا أن يرحمك ربك، فيرد