{أَفَلَا تَسْمَعُونَ} ما يقال لكم سماع تدبر وتفكر، فتتعظوا وتعلموا أن ربكم هو الذي يأتي بالليل، ويزيل النهار إذا شاء، واذا أراد أتى بالنهار وأذهب الليل، ولا يقدر على ذلك سواه تعالى، والهمزة فيه للاستفهام التوبيخي المضمَّن للإنكار داخلة على محذوف، والفاء عاطفة على ذلك المحذوف؛ أي: ألا تتفكرون فتسمعون ما يقال لكم.
وختم هذه الآية به بناء على الليل لا على الضياء. وقال بعضهم قرن بالضياء السمع، لأن السمع يدرك ما لا يدركه البصر، يعني استفادة العقل من السمع أكثر من استفادته من البصر.
٧٢ - {قُلْ} لهم يا محمد {أَرَأَيْتُمْ}؛ أي: أخبروني {إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا} أي: دائمًا، لا ليل معه أبدًا {إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} بإسكانها في وسط السماء، أو تحريكها فوق الأرض {مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ}؛ أي: أيُّ معبود غير الله الذي له عباده كل شيء {يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ} استراحة من متابعة الأسفار وأشغال النهار؛ أي: تستقرون فيه وتهدؤون، والهمزة في قوله {أَفَلَا تُبْصِرُونَ} للاستفهام التوبيخي الإنكاري، داخلة على محذوف والفاء عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير: أتعرضون عن هذه النعم العظيمة، فلا تبصرون الشواهد المنصوبة الدالة على القدرة الكاملة، فتعلموا بذلك أن العبادة لا تصلح إلا لمن أنعم عليكم بذلك، دون غيره، ومن له القدرة التي خالف بها بين الليل والنهار، واذا أقروا بأنه لا يقدر على ذلك إلا الله عز وجل فقد لزمتهم الحجة وبطل ما يستمسكون به من الشبه الساقطة، وقرن بالليل قوله:{أَفَلَا تُبْصِرُونَ} لأن البصر يدرك ما لا يدركه السمع من ذلك.
وجاء تذييل الآيتين بقوله:{أَفَلَا تَسْمَعُونَ} و {أَفَلَا تُبْصِرُونَ} لبيان أنهم لما لم ينتفعوا بالسمع والبصر نزلوا منزلة من لا يسمع ولا يبصر، وعبارة "فتح الرحمن": هنا ختم آية الليل بقوله: {أَفَلَا تَسْمَعُونَ} وآية النهار بقوله: {أَفَلَا تُبْصِرُونَ} لمناسبة الليل المظلم الساكن للسماع، ومناسبة النهار النيِّر للأبصار، وإنما قدم الليل على النهار ليستريح الإنسان فيه، فيقوم إلى تحصيل ما هو مضطر