للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ضميرٌ لله تعالى، والمعنى: فإذا عزمت لك على شيء؛ أي: أرشدتك إليه، وجعلتك تقصده، فتوكل على الله، ويكون قوله: على الله من باب الالتفات؛ إذ لو جرى على نسق ضم التاء .. لقال فتوكل عليَّ.

١٦٠ - {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ}؛ أي: إن يعطكم الله النصر ويعنكم بنصره، ويمنعكم من عدوكم كما نصركم يوم بدر {فَلَا غَالِبَ} وقاهر لكم من الناس؛ أي: فلا أحد يغلبكم، وإنما يدرك نصر الله من تبرأ من حوله وقوته، واعتصم بربه، وقدرته {وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ} ويترك نصركم، ووكلكم إلى أنفسكم، لمخالفتكم أمره وأمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - كما فعل بكم يوم أحد {فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ}؛ أي: فمن الذي ينصركم {مِنْ بَعْدِهِ}؛ أي: من بعد خذلانه إياكم؛ أي: فلا أحد يملك لكم نصرًا، ويدفع عنكم الخذلان فالذي وقع لكم من النصر كما في يوم بدر، أو من الخذلان كما في يوم أحد بمشيئته سبحانه وتعالى، فالأمر كلُّه لله بيده العزَّة، والنصرة، والإذلال، والخذلان. وقرأ الجمهور {يَخْذُلْكُمْ} من خذل الثلاثي، وقرأ عبيد بن عمير {يَخْذُلْكُمْ} من أخذل الرباعي، والهمزة فيه للجعل؛ أي: يجعلكم مخذولين. {وَعَلَى اللَّهِ} القاهر الغالب سبحانه وتعالى لا على غيره {فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}؛ أي: فليخصوه بالتوكل؛ لأنه لا ناصر لهم سواه.

وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب"، قالوا: ومن هم يا رسول الله؟ قال: "هم الذين لا يكتوون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون"، فقام عكاشة بن محصن رضي الله عنه فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: أنت منهم، فقام آخر، فقال: يا نبيَّ الله، ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: "سبقك بها عكاشة". رواه الشيخان وأحمد.

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لو أنكم تتوكَّلون على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا، وتروح بطانًا". أخرجه الترمذي، وقال حديث حسن.

١٦١ - {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} قرأ ابن عباس، وابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم