للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

السموات إلى الأرض. والهبوط (١): الإنزال والانحدار من فوق على سبيل القهر والهوان والاستخفاف {فَما يَكُونُ لَكَ}؛ أي: فما ينبغي لك ويليق بك {أَنْ تَتَكَبَّرَ} وتتعظم وتعصي {فِيها}؛ أي: في الجنة، أو في السموات، فإنها (٢) مكان الخاشع والمطيع، وفيه تنبيه على أن التكبر لا يليق بأهل الجنة، وأنه سبحانه وتعالى إنما طرده وأهبطه؛ لتكبره لا لمجرد عصيانه. وقال الخازن: يعني: فليس لك أن تتكبر في الجنة عن أمري وطاعتي؛ لأنه لا ينبغي أن يسكن في الجنة، أو في السماء متكبر مخالف لأمر الله عز وجل، فأما غير الجنة والسماء .. فقد يسكنها المتكبر عن طاعة الله تعالى، وهم الكفار الساكنون في الأرض. وجملة قوله: {فَاخْرُجْ} لتأكيد الأمر بالهبوط. وجملة قوله: {إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ} تعليل للأمر بالخروج؛ أي: فاخرج يا إبليس من الجنة، أو من السموات إنك يا لعين من الصاغرين؛ أي: من المهانين الذليلين بالعقوبة. وقال النسفي: أي (٣) من أهل الصغار والهوان على الله، وعلى أوليائه يذمك كل إنسان، ويلعنك كل لسان؛ لتكبرك، وبه علم أن الصغار لازم للاستكبار، وهكذا كل من تردى برداء الاستكبار .. عوقب بلبس رداء الهوان والصغار، ومن لبس رداء التواضع .. ألبسه الله رداء الترفع. وفي الحديث: «من تواضع لله رفعه الله، ومن تكبر وضعه الله».

١٤ - {قالَ} اللعين عند أمر المولى له بالخروج {أَنْظِرْنِي}؛ أي: أجلني وأمهلني وأخرني، فلا تمتني، أو لا تعجل عقوبتي {إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}؛ أي: قال رب أمهلني إلى يوم يبعث فيه آدم وذريته من قبورهم، فأكون أنا وذريتي أحياء ما داموا أحياء، وأشهد انقراضهم وبعثهم، وهو يوم النفخة الثانية عند قيام الساعة، ولا موت حينئذ؛ لأن الموت قد تم عند النفخة الأولى، فغرضه الفرار من الموت، والنجاة من ذوق مرارته، فطلب البقاء والخلود، فلم يجب إلى ما سأل، بل غاية ما أمهله الله تعالى إلى النفخة الأولى

١٥ - {قالَ} الله سبحانه وتعالى في جواب سؤاله: {إِنَّكَ} يا إبليس {مِنَ الْمُنْظَرِينَ}؛ أي: من المؤجلين والمؤخرين


(١) الخازن.
(٢) البيضاوي.
(٣) النسفي.