للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يتوجّه إليه المتوجهون، ويؤمه المقتدون، فيوصلهم إلى المطلوب، روي أن أبا بكر - رضي الله عنه - كان يخفت، ويقول: أناجي ربي وقد علم حاجتي، وعمر - رضي الله عنه - يجهر بها، ويقول: أطرد الشيطان، وأوقظ الوسنان، فلما نزلت هذه الآية، أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر أن يرفع قليلًا وعمر أن يخفض قليلًا.

١١١ - ولما أمر الله سبحانه رسوله أن لا يناديه إلا بأسمائه الحسنى، علمه كيفية التّحميد بقوله: {وَقُلِ} أيها الرسول في ثناء ربك {الْحَمْدُ} اللائق، والشكر الدائم مستحق {لِلَّهِ} سبحانه وتعالى، ذي الجلال والإكرام، {الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ} ولم يجعل لنفسه {وَلَدًا} ذكرًا ولا أنثى، لأن الولادة من صفات الأجسام والحوادث لا غير، وهو ردّ على اليهود والنصارى وبني مدلج حيث قالوا: عزير ابن الله، والمسيح ابن الله، والملائكة بنات الله، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا {وَ} الذي {لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ}؛ أي: في ملك العالم؛ أي: في الألوهية، فإن الكل عبيده، والعبد لا يصلح أن يكون شريكًا لسيده في ملكه، وهو رد على الثنوية القائلين بتعدد الإله {وَ} الذي {لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ}؛ أي: ناصر ينصره {مِنَ الذُّلِّ}، والهوان؛ أي: لم يوال أحدًا من أجل مذلة به، ليدفعها بموالاته، فإنّه محال أن يذل فيحتاج إلى أحد يتعزز به، ويدفع عنه المذلة، إذ له العزّة كلها، فليس له مذلّة، ولا له احتياج إلى وليّ يدفع الذل عنه، وهو رد على المجوس والصابئين في قولهم: لولا أولياء الله لذل الله، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.

وفي «الأسئلة المقحمة»: كيف (١) جعل عدم الولد علة استحقاق الحمد؟.

الجواب: إن هذا ليس بتعليل لوجوب الحمد، إنّما هو بيان من يقع له الحمد، كما تقول: الحمد لله، الأول الآخر، الحمد لله رب العالمين انتهى.

وفي «الكشاف»: كيف رتب الحمد على نفي الولد، والشريك، والذل، أي: مع أنه لم يكن من الجميل الاختياري؟.

قلت: إنَّ من هذا وصفه هو الذي يقدر على إيلاء كل نعمةٍ فهو الذي


(١) روح البيان.