يستحق جنس الحمد، وقال بعضهم: وترتيب الحمد على عدم اتخاذ الولد؛ لأنّ من كان هذا وصفه فهو القادر ولا شكّ على إسباغ النعم، وإيلائها، أما صاحب الولد، فهو مستهدف للتّلهي بولده عن غيرهم، والاشتغال بهم عن سواهم {وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا}؛ أي: عظمه تعظيمًا، أو قل: الله أكبر من اتخاذ الولد، والشريك، والولي.
والحاصل: أن الله سبحانه وتعالى وصف نفسه بثلاث صفات (١):
١ - أنه لم يتخذ ولدًا، فإنّ من اتخذ الولد يمسك جميع النعم لولده، ولأن الولد يقوم مقام الوالد بعد انقضاء أجله وفنائه، تنزه ربنا عن ذلك، ومن كان كذلك لم يستطع الإنعام في كل الحالات، فلا يستحق الحمد على الإطلاق.
٢ - أنه ليس له شريك في الملك؛ إذ لو كان له ذلك، لم يعرف أيهما المستحق للحمد، والشكر، ولكان عاجزًا ذا حاجة إلى معونة غيره، ولم يكن منفردًا بالملك والسلطان.
٣ - أنه لم يكن له ولي من الذل؛ أي: لم يوال أحدًا من أجل مذلة به يدفعها بموالاته.
والخلاصة: أنه ليس له ولد يحبس نعمه عليه، وليس له شريك يقف أعماله في الملك، ولا ناصر يدفع العدو المذل له، وإذا تنزه ربنا عن ذلك، فقد أمن الناس نضوب موارده، وأصبحت أبوابه مفتحة لكل قاصد، فلتغترف - أيها العبد - من مناهله، ولتعلم أنه لا يحابيك لأجل أهلك ولا نسلك، ولا دينك، ولو كنت ابن نبيٍّ من الأنبياء، أو عظيم من العظماء. ومعنى {وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا}؛ أي: وعظّم ربك أيها الرسول بما أمرناك أن تعظمه به من قول، أو فعل، وأطعه فيما أمرك به، ونهاك عنه، وتكبيره تعالى وتنزيهه يكون:
١ - بتكبيره في ذاته باعتقاد أنه واجب الوجود لذاته، وأنه غني عن كل موجود.