{الْأَمْرُ}؛ أي: التصرف والتدبير في جميعها؛ إذ هو المال لها لا شريك له فيها.
وفي معنى الآية قوله:{إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} وقوله: {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} وقوله: {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} وجاءت هذه الجملة توكيدا لما قبلها؛ لبيان أنه هو الذي خلق السموات والأرض، وهو الذي دبرهما وصرفهما بحسب إرادته.
ولما ذكر الله سبحانه وتعالى في هذه الآية خلق السموات والأرض في ذلك الأمد اليسير، ثم ذكر استواءه على عرشه، وتسخير الشمس والقمر والنجوم، وأن له الخلق والأمر .. قال:{تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ}؛ أي: تزايد خيره وبره، وكثرت بركته وإحسانه، وعم نواله وإنعامه. وقال الأزهري: معنى: {تَبارَكَ} تعالى وتعاظم؛ أي: تعالى الله مالك العالمين بوحدانيته وألوهيته، وتعاظم بربوبيته وصفاته، وأن كل ما في هذا العالم من الخيرات الكثيرة، والنعم العظيم؛ فهو منه، فيجب على عباده أن يشكروه عليها ويعبدوه دون غيره مما عبدوه معه، وليس له من الخلق ولا من الأمر شيء. وفي هذه الآية رد على من يقول من أهل الضلال: إن للشمس والقمر والكواكب تأثيرات في هذا العالم.
٥٥ - {ادْعُوا رَبَّكُمْ}؛ أي: اسألوا أيها العباد ربكم، ومتولي أموركم، وخالقكم حال كونكم {تَضَرُّعًا}؛ أي: متضرعين متذللين وخاضعين له ومبتهلين إليه {وَ} حالة كونكم {خُفْيَةً}؛ أي: مخفين ومسرين دعاءكم عن غيركم، أو هما صفتان لمصدر محذوف؛ أي: ادعوه دعاء تضرع، ودعاء خفية، والتضرع: الذلة والخشوع والاستكانة، والخفية: الإسرار به، فإن ذلك أقطع لعرق الرياء، وأحسن لباب من يخالف الإخلاص. وقرأ الجمهور بضم خاء {وَخُفْيَةً}، وقرأ أبو بكر بكسرها؛ وهما لغتان.
وفي هذا إيماء إلى أن الإخفاء في الدعاء أفضل إن لم يكن وجبا، ويدل على ذلك وجوه: