الخندق حين أصاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين يومئذ ما أصابهم من الجهد والشدة، والخوف والبرد، وضيق العيش الذي كانوا فيه يومئذ.
قوله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ ...} الآية، أخرج ابن جرير عن ابن جريج قال: سأل المؤمنون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أين يضعون أموالهم؟ فنزلت {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ}.
وأخرج ابن المنذر عن أبي حيان أن عمرو بن الجموح رضي الله عنه - وكان شيخًا كبيرًا ذا مالٍ - سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: ماذا ننفق من أموالنا، وأين نضعها؟ فنزلت هذه الآية.
قوله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ ...} الآية، أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والطبراني في "الكبير"، والبيهقي في "سننه" عن جندب بن عبد الله، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث رهطًا، وأمّر عليهم عبد الله بن جحش - وهو ابن عمته - في جُمادى الآخرة قبل وقعة بدر بشهرين، فلقوا عمرو بن الحضرمي فقتلوه، ولم يدروا أن ذلك اليوم من رجب أو من جُمادى، فقال المشركون للمسلمين: قتلتم في الشهر الحرام، فأنزل الله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ...} الآية. فقال بعضهم: إن لم يكونوا أصابوا وزرًا ليس لهم أجر، فأنزل الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ...} الآية. فأثبت الله لأصحاب هذه السرية جهادًا.
التفسير وأوجه القراءة
٢١٣ - {كَانَ النَّاسُ} من لدن آدم إلى نوح عليهما السلام {أُمَّةً وَاحِدَةً}؛ أي: متفقين على الحق والتوحيد، فاختلفوا {فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ} ويدل على هذا المحذوف - أعني قوله: فاختلفوا - قراءة ابن مسعود التفسيرية، والتي ليست بقرآن بل بتفسير، فإنه قرأ:{كان الناس أمة واحدة فاختلفوا فبعث الله النبيين}.
والمراد (١) بالناس: القرون التي بين آدم ونوح؛ وهي عشرة، كانوا على