للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (١٠١) ولا منافاة للرواية الأولى في قوله: (فقال المشركون) لأن عبد الله بن الزبعري منهم.

التفسير وأوجه القراءة

٨٣ - {وَأَيُّوبَ}؛ أي: واذكر يا محمد قصة أيوب لأمتك {إِذْ نَادَى} ودعا {رَبَّهُ} وخالقه بـ {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ}؛ أي: أصابتني الشدة في جسدي، والضرّ بأنواعه، فأل للجنس، فارحمني ونجني منها {وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} وألطفهم لعباده.

وقرأ الجمهور (١): {أَنِّي} بفتح الهمزة، وعيسى بن عمر بكسرها إما على إضمار القول: أي: قائلاً: إني، وإما على إجراء نادى مجرى قال، وكسر إني بعدها، وهذا الثاني مذهب الكوفيين، والأول مذهب البصريين، والضرّ بالفتح الضرر في كل شيء نفسًا، أو مالًا، أو أهلًا، وبالضم خاص بالضرر في النفس، كمرض وهزال، فرّق بين البنائين لاختلاف المعنيين، وقد ألطف أيوب في السؤال، حيث ذكر نفسه بما يوجب الرحمة، وذكر ربه بغاية الرحمة، ولم يصرح بالمطلوب، ولم يعين الضر الذي مسّه، فإن (٢) أكثر أسئلة الأنبياء في كشف البلاء عنهم، إنما هي على سبيل التعريض.

وَفِي النَّفْسِ حَاجَاتٌ وَفِيْكَ فَطَانَةٌ ... سُكُوْتِىْ بَيَانٌ عِنْدَهَا وَخِطَابُ

فإن قيل: أليس زكريا صرّح في الدعاء، حيث قال: {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً}؟ قلنا: هذا سؤال العطاء، لا يجمل فيه التعريض، وذلك كشف البلاء، فيجمل فيه التعريض، لئلا يشبه بالشكاية. قال وهب بن منبه: كان أيوب رجلًا من الروم، وهو أيوب بن أموص بن تارخ بن روم بن عيص بن إسحاق بن إبراهيم، عليهما السلام، وكانت أمه من ولد لوط بن هاران، وكان الله سبحانه وتعالى، اصطفاه وجعله نبيًّا، وقد أعطاه من الدنيا حظًا وافرًا من النعم والدواب


(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.