للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إمامًا لأنه يؤتم ويتبع، وقال ابن قتيبة: لأن المسافر يأتم به حتى يصل إلى الموضع الذي يريده، وقيل الضمير للأيكة ومدين؛ لأن شعيبًا كان ينسب إليهما.

٨٠ - ثم إن الله سبحانه ختم القصص بقصة ثمود فقال: {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (٨٠)} والحجر (١) بكسر الحاء وسكون الجيم اسم لأرض ثمود قوم صالح - عليه السلام - بين المدينة والشام، عند وادي القرى التي كانوا يسكنونها، وكانوا عربًا، وكان صالح - عليه السلام - من أفضلهم نسبًا، فبعثه الله إليهم رسولًا - وهو شاب - فدعاهم حتى شمط، ولم يتبعه إلا قليل مستضعفون، وقال (٢): {الْمُرْسَلِينَ} ولم يرسل إليهم إلا صالح لأن من كذب واحدًا من الرسل .. فقد كذب الباقين، لكونهم متفقين في الدعوة إلى الله، وقيل: كذبوا صالحًا ومن تقدمه من الأنبياء، وقيل: كذبوا صالحًا ومن معه من المؤمنين.

أي: وعزتي وجلالي لقد كذب ثمود نبيهم صالحًا - عليه السلام - ومن كذب رسولًا من رسل الله .. فكأنما كذب الجميع، لاتفاق كلمتهم على التوحيد، والأصول العامة التي لا تختلف باختلاف الأمم والأزمان

٨١ - {وَآتَيْنَاهُمْ}؛ أي: وآتينا ثمود وأريناهم {آيَاتِنَا}؛ أي: حججنا الدالة على نبوة صالح - عليه السلام - الناقة وغيرها، وقيل الآية: الناقة فقط، وإنما جمعها لأن فيها آيات جمة، كخروجها من الصخرة، ودنو نتاجها عند خروجها، وعظمها وكثرة لبنها، وإنما (٣) أضاف الآية إليهم وإن كانت لصالح؛ لأنه مرسل إليهم بهذه الآيات {فَكَانُوا عَنْهَا}؛ أي: عن تلك الآيات {مُعْرِضِينَ}؛ أي: تاركين لها، غير ملتفتين إليها، ولا معتبرين بها، ولهذا عقروا الناقة، وخالفوا ما أمرهم به نبيهم

٨٢ - {وَكَانُوا}؛ أي: وكان قوم صالح {يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ}؛ أي: ينجرون وينقرون {بُيُوتًا} ومساكن من الجبال بالمعاويل ويثقبونها فيها حالة كونهم {آمِنِينَ} فيها من الانهدام، ونقب اللصوص وتخريب الأعداء، لوثاقتها، ومن الموت لاغترارهم بطول الأعمار، فهي حال مقدرة، أو من العذاب والحوادث لفرط غفلتهم، أو حسبانهم أن


(١) روح البيان.
(٢) الشوكاني.
(٣) الخازن.