للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمعنى: أي إن (١) في نزول الملائكة ضررًا لهم لا محالة، لأنا نهلكهم ولا نؤخرهم، إذ قد جرت عادتنا في الأمم قبلهم أنهم إذا اقترحوا آية وأنزلناها عليهم، ولم يؤمنوا بها، يكون العذاب في إثرها، فلو أنا أنزلناهم ولم يؤمنوا بهم ... لحق عليهم عذاب الاستئصال، ولم ينظروا ساعة من نهار، وقال الشوكاني: في الكلام حذف، والتقدير: ولو أنزلنا الملائكة لعوجلوا بالعقوبة، وما كانوا إذًا منظرين، فالجملة المذكورة جزاء للجملة الشرطية المحذوفة. انتهى.

و {إِذًا} حرف جواب (٢) وجزاء لشرط مقدر، وهي مركبة من إذ وهو اسم بمعنى الحين، ثم ضم إليه إن فصار: إذ إن، ثم استثقلوا الهمزة فحذفوها، فمجيء لفظة إنْ .. دليل على إضمار فعل بعدها، والتقدير: وما كانوا إذ إنْ كان ما طلبوه منظرين، والإنظار التأخير.

والمعنى: ولو نزلنا الملائكة ما كانوا مؤخرين بعد نزولهم طرفة عين، كدأب سائر الأمم المكذبة المستهزئة، ومع استحقاقهم لذلك قد جرى قلم القضاء بتأخير عذابهم إلى يوم القيامة، لتعلق العلم والإرادة بازديادهم عذابًا، وبإيمان بعض ذراريهم.

٩ - ثم أجاب سبحانه عن قولهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} ورد إنكارهم تنزيل الذكر واستهزاءهم برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسلَّاه على ذلك بقوله: {إِنَّا نَحْنُ} لعظم شأننا، وعلو جنابنا، و (نحن) ليست بفصل؛ لأنها ليست بين اسمين، {نَزَّلْنَا الذِّكْرَ}؛ أي: نحن (٣) نزلنا ذلك الذكر والقرآن الذي أنكروه، وأنكروا نزوله عليك، ونسبوك بسببه إلى الجنون، وعموا منزله، حيث بنوا الفعل للمفعول، إيماء إلى أنه أمر لا مصدر له، وفعل لا فاعل له؛ أي: وليس إنزاله عليك بزعمك، كما اعتقدوا أنه مختلق من عنده. اهـ شيخنا.

{وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} في كل وقت وزمان من كل ما لا يليق به، كالطعن فيه، والمجادلة في حقيته، والتكذيب له، والاستهزاء به، والتحريف والتبديل والزيادة


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.
(٣) الشوكاني.