عظيم، وتعليم لعباده كيف يقابلون السفهاء، وكيف يغضون عن قالة السوء التي تصدر عنهم.
٦٩ - والهمزة في قوله:{أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ} للاستفهام الإنكاري التوبيخي، داخلة على محذوف، والواو: عاطفة على ذلك المحذوف، كما مر نظيره آنفا تقديره: أكذبتم وعجبتم من أن جاءكم ذكر وموعظة وبيان من ربكم وخالقكم {عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ}؛ أي: على لسان رجل من جنسكم ونسبكم {لِيُنْذِرَكُمْ} ويخوفكم من عقاب ربكم على ما أنتم عليه مقيمون من الضلالة {وَاذْكُرُوا} فضل الله عليكم ونعمته لكم {إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ} في الأرض {مِنْ بَعْدِ} إغراق {قَوْمِ نُوحٍ} وجعلكم ورثتهم {وَزادَكُمْ} على غيركم {فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً}؛ أي: زادكم سعة في الأبدان والقوى على ما أعطاه لغيركم، وقد كانوا طوال الأجسام أقوياء الأبدان قيل: كان طول الطويل منهم خمسمئة ذراع، وطول القصير ثلاثمئة ذراع بذراع نفسه، وكان رأس الواحد منهم قدر القبة العظيمة، وكانت عينه بعد موته تفرخ فيها الضباع {فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ} هذا تعميم بعد تخصيص كما في «البيضاوي»؛ أي: فاذكروا نعم الله وفضله عليكم، واشكروه على ذلك بإخلاص العبادة له، وترك الإشراك به، وهجر الأوثان والأصنام {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}؛ أي: لكي تنجوا من العذاب، وتفوزوا بما أعده الله سبحانه وتعالى للشاكرين لنعمه الراجين للمزيد منها، وتدركون الخلود والبقاء، والنعيم الأبدي في دار القرار.
٧٠ - ثم ذكر ما ردوا به عليه، فقال:{قالُوا}؛ أي: قال قوم هود مجيبين له عن تلك النصائح العظيمة: {أَجِئْتَنا} يا هود {لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ}؛ أي: لأجل أن نخص الله سبحانه وتعالى بالعبادة وحده {وَنَذَرَ ما كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا}؛ أي: ونترك ما كان يعبد أباؤنا معه من الأولياء والشفعاء، وهم الوسيلة عنده، وهم الذين يقربوننا إليه زلفى، وهل يقبل الله عبادتنا مع ذنوبنا إلا بهم ولأجلهم؟
وبعد أن استنكروا التوحيد، واحتجوا عليه بما لا يصلح عقلا ولا شرعا أن يكون حجة من تقليد الآباء والأجداد .. اقترحوا الوعيد، فقالوا:{فَأْتِنا}؛ أي: