للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم نبههم بذكر أصلهم آدم، وما جرى له من أكله من الشجرة بعد النهي عنها، وأن الحامل له على ذلك إبليس، وكانت هاتان الطائفتان، أعني: اليهود والنصارى أهل الكتاب، مظهرين اتّباع الرسل والاقتداء بما جاء عن الله تعالى. وقد اندرج ذكرهم عموما في قوله: {يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} فجرّد ذكرهم هنا خصوصا، إذ قد سبق الكلام مع المشركين والمنافقين، وبقي الكلام مع اليهود والنصارى، فتكلّم معهم هنا، وذكر ما يقتضي لهم الإيمان بهذا الكتاب، كما آمنوا بكتبهم السابقة إلى آخر الكلام معهم، على ما سيأتي جملة مفصلة، وناسب الكلام معهم قصة آدم على نبينا وعليه الصلاة والسلام، لأنهم بعد ما أوتوا من البيان الواضح، والدليل اللائح، المذكور ذلك في التوراة والإنجيل، من الإيفاء بالعهد، والإيمان بالقرآن، ظهر منهم ضدّ ذلك بكفرهم بالقرآن، ومن جاء به وأقبل عليهم بالنداء، ليحرّكهم لسماع ما يرد عليهم من الأوامر والنواهي، نحو قوله: {يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} و {يا آدَمُ اسْكُنْ} انتهى.

وللشوكاني هنا: كلام في الرد على من يبحث عن المناسبة بين السور وبين الآيات فلا يغتر بكلامه؛ لأنه إذا ثبت أن ترتيب الآيات والسور في وضع المصاحف، على غير ترتيب النزول، والحال أن ذلك وضع توقيفي، فلا بدّ من معرفة حكمة تغيير الترتيب النزولي إلى هذا الترتيب الوضعي، ويتوصل إلى معرفتها بالبحث عن المناسبة الموصل إلى معرفة بلاغات القرآن وإعجازه، فحينئذ لا بد من البحث عنها ويقال:

وكم من عائب بحثا صحيحا

لعدم اطّلاعه على ما فيها ولا نطيل الكلام في الرد عليه، كما أطاله وخطّأ غيره، وحمّقه، ولا نقول فيه إلا كما قيل:

وهو بسبق حائز تفضيلا ... مستوجب ثنائي الجميلا

التفسير وأوجه القراءة

٤٠ - {يا بَنِي إِسْرائِيلَ}؛ أي: يا أولاد يعقوب، وهذا خطاب مع جماعة اليهود