للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

استشعار الخوف من استيلائه على ملكه. ونسبة الإخراج والأرض إليهم لأجل تنفيرهم عن موسى

٣٦ - {قَالُوا}؛ أي: الملأ لفرعون {أَرْجِهْ وَأَخَاهُ}؛ أي: أخر أمر موسى وأخيه هارون حتى تنظر، ولا تعجل بقتلهما قبل أن يظهر كذبهما، حتى لا يسيء عبيدك الظن بك، وتصير معذورًا في القتل. من أرجأته إذا أخرته. وقيل: المعنى: احبسهما.

وقرأ قالون: {أَرْجِهْ} بغير همز، وباختلاس كسر الهاء، وورش والكسائي بإشباع كسرة الهاء، وابن كثير وهشام بالهمزة الساكنة وبصلة الهاء المضمومة، أبو عمرو بضم الهاء مع الاختلاس، وابن ذكوان بالهمز وكسر الهاء مع الاختلاس، وعاصم وحمزة بغير همز وإسكان الهاء.

{وَابْعَثْ}؛ أي: وأرسل {فِي الْمَدَائِنِ}؛ أي: في الأمصار والبلدان وأقطار مملكتكم، وفي "فتح الرحمن": هي مدائن الصعيد من نواحي مصر {حَاشِرِينَ}؛ أي: شُرَطًا يحشرون الناس، ويجمعونهم إليك. فـ {حَاشِرِينَ}: صفة لموصوف محذوف هو مفعول {ابعث} كما قدرنا. والشُرَط - بضم أوله وفتح ثانيه - جمع شُرْطة - بالضم وسكون الراء وفتحها -، وهم طائفة من أعوان الولاة معروفة كما في "القاموس"، والشَّرط - بالفتح - العلامة، ومنه سمى الشرط, لأنهم جعلوا لأنفسهم علامة يعرفون بها.

٣٧ - وذلك لظنهم أن السحرة إذا كثرت غلبوا موسى عليه السلام وكشفوا حاله {يَأْتُوكَ}؛ أي: الحاشرون {بِكُلِّ سَحَّارٍ}؛ أي: بليغ في صناعة السحر {عَلِيمٍ}؛ أي: فائق في معرفتها، يعارضوا موسى بمثل سحره، بل يفضلوا عليه، ويتضح للعامة كذبه، فتقتله حينئذ، وهذا تدبير النفس وإلقاء الشيطان في دفع الحق الصريح، وكل تدبير هكذا في كل عمر فصاحبه مدمَّر البتة، وإنما يجيء خبث القول والفعل لمن خبث النفس؛ إذ كل إناء يترشح بما فيه، ولو ترك فرعون وقومه التدبير في أمر موسى، وقابلوه بالقبول .. لسلموا من كل آفة، لكن منعهم حب الجاه عن الانتباه، وحبك الشيء يعمي ويصم.

وقرأ الأعمش وعاصم في رواية: {بكل ساحر}، وأمال {سحار} ابن