للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مسألة: فإن قلتَ (١): إن العفو فرع المعصية، وهي تحصل باشتغال المحرم بقتل الصيد بعد نزول آية التحريم، فما معنى العفو عن قتل الصيد قبل تحريمه المفهوم من قوله: {عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ}؟

قلتُ: إن المراد بالعفو هنا مجرد عدم المؤاخذة على ما سلف، فلا يرد السؤال المذكور، أفاده الكرخي،

٩٦ - والخطاب في قوله: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} إما لكل مسلم أو للمحرمين خاصة؛ أي: أحل لكم أيها الناس صيد جميع المياه العذبة والملحة بحرًا كان أو نهرًا أو غديرًا؛ أي: اصطياد صيد الماء والانتفاع به بأكله، واصطياده لأجل عظامه وأسنانه، وأحل لكم طعام البحر؛ أي: أكله، فالصيد هو ما صيد بالحيلة حال حياته ثم مات. والطعام ما يوجد مما لفظه البحر، أو نضب عنه الماء، ويحصل من غير معالجة في أخذه. والمعنى: وأحل لكم ما صيد من البحر ثم مات، وما قذفه البحر ميتًا، وروي هذا المعنى عن ابن عباس وابن عمر وقتادة.

والخلاصة: أن المراد بطعامه عندهم: ما لا عمل للإنسان فيه ولا كلفة في اصطياده؛ كالذي يطفو على وجهه، والذي يقذف به إلى الساحل، والذي ينحسر عنه الماء وقت الجزر، ولا فرق بين حيه وميته.

فصل في حيوان الماء

واعلم: أن (٢) جملة حيوان الماء على قسمين: سمك وغير سمك.

فأمَّا السمك: فجميعه حلال على اختلاف أجناسه وأنواعه. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في البحر: "هو الطهور ماؤه، والحل ميتته" أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي. ولا فرق بين أن يموت بسبب أو بغير سبب، فيحل أكله.

وقال أبو حنيفة: لا يحل إلا أن يموت بسبب.

وما عدا السمك فقسمان: قسم يعيش في البر والبحر؛ كالضفدع والسرطان والتمساح والسلحفاة، فلا يحل أكلها. وقال سفيان: أرجو أن لا يكون بالسرطان


(١) الفتوحات بتصرف.
(٢) الخازن والمراح.