للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جاء من عنده من المعجزات، التي من جملتها ما شاهدناه، وحالة كونه {قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ} التي جاءت به رسله، والصالحة كالحسنة، صفة جارية مجرى الاسم، ولذلك لا تذكر غالبًا مع الموصوف، وهي ككل ما استقام من الأعمال بدليل العقل والنقل {فَأُولَئِكَ} إشارة إلى {مَنْ} والجمع باعتبار معناها؛ أي: فأولئك المؤمنون العاملون للصالحات {لَهُمُ} بسبب إيمانهم وأعمالهم الصالحة {الدَّرَجَاتُ الْعُلَى} جمع العليا، تأنيث الأعلى؛ أي: المنازل الرفيعة في الجنة، وفيه (١) إشارة إلى الفرق بين أهل الإيمان المجرد، وبين الجامع بين الإيمان والعمل، حيث إن الدرجات العالية للثاني وغيرها لغيره.

والمعنى (٢): أي ومن لقي ربه مؤمنًا به وبما جاء به رسوله من عنده من المعجزات، التي من جملتها ما رأيناه وشاهدناه، ثم عمل صالح الأعمال .. فهؤلاء لهم بسبب إيمانهم، وجليل أعمالهم، المنازل الرفيعة، والدرجات العالية.

وفي "الصحيحين": "أن أهل عليين ليرون من فوقهم، كما ترون الكوكب العابر في أفق السماء، لتفاضل ما بينهم" قالوا: يا رسول الله، تلك منازل الأنبياء قال: "بلى، والذي نفسي بيده، رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين" وفي "السنن" "أن أبا بكر وعمر لمنهم ونعما"

٧٦ - ثم فسر تلك الدرجات العلى بقوله: {جَنَّاتُ عَدْنٍ} بدل من الدرجات العلى {تَجْرِي} وتسيل {مِنْ تَحْتِهَا}؛ أي: من تحت أشجارها وقصورها {الْأَنْهَارُ} الأربعة: الماء، واللبن، والخمر، والعسل، حاله كونهم {خَالِدِينَ}؛ أي: مقدرين الخلود {فِيهَا}؛ أي: في تلك الجنات، فهو حال من الضمير في لهم، والعامل: معنى الاستقرار، أو الإشارة {وَذَلِكَ}؛ أي: المذكور من الثواب {جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى} وتطهر من دنس الكفر والمعاصي، بما ذكر من الإيمان والأعمال الصالحة، وهذا لكون ثواب الله تعالى أبقى.

والجزاء (٣): ما فيه الكفاية من المقابلة، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر،


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.
(٣) روح البيان.