وكان ابن عم موسى، وقيل: اسمه شمعون، وقيل: طالوت، وقيل: شمعان، {مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ}؛ أي: من آخر المدينة، أو من أبعدها، وفي سورة يس: قدم {مِنْ أَقْصَى} على {رَجُلٌ} لأنه لم يكن من أقصاها، إنما جاء منها، وهنا وصفه بأنه من أقصاها، وهما رجلان مختلفان، وقضيتان متباينتان. اهـ "سمين"، فما هنا في قضية موسى، وما هناك في قضية حوراي عيسى. اهـ، وسيأتي التعليل بغير ذلك عن "فتح الرحمن".
وجملة قوله:{يَسْعَى}؛ أي: يُسرع في مشيه من طريق أقرب من طريقهم، حتى وصل إلى موسى عليه السلام، صفة لرجل، ويجوز أن يكون في محل نصب على الحال؛ لأن لفظ رجل وإن كان نكرة فقد تخصص بقوله:{مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ}. ويجوز أن يتعلق {مِنْ أَقْصَى} بـ {جَاءَ}، أو صفة لرجل، أي: جاء إلى موسى مسرعًا فوصل إليه.
فـ {قَالَ} الرجل {يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ}؛ أي: إن أشراف قوم فرعون {يَأْتَمِرُونَ} ويتشاورون {بِكَ}؛ أي: بسببك، وإنما سمي (١) التشاور ائتمارًا لأن كلا من المتشاورين يأمر الآخر ويأتمر {لِيَقْتُلُوكَ}؛ أي: يأمر بعضهم بعضًا بقتلك، فاتفقوا على أن يحتالوا فيك ليهلكوك، {فَاخْرُجْ} من هذه المدينة {إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ} في أمري إياك بالخروج، ومن المشفقين عليك، واللام في قوله:{لَكَ} للبيان، كأنه قيل: لك أقول هذه النصيحة، وليس صلة للناصحين, لأن معمول الصلة لا يتقدم على الموصول، وهو اللام في الناصح، وقيل: يجوز، لأنه يتوسع في الظروف ما لا يتوسع في غيرها.
٢١ - {فَخَرَجَ} موسى عليه السلام {مِنْهَا}؛ أي: من المدينة حالة كونه {خَائِفًا} على نفسه من آل فرعون {يَتَرَقَّبُ}؛ أي: يتوقع لحوق الطالبين والتعرض له في الطريق، ويكثر الالتفات، وينظر هل يلحقه أحد يطلبه.
{قَالَ} عند ذلك يا {رَبِّ نَجِّنِي}؛ أي: خلصني {مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} وادفع