صدق أنبائه وأخباره على الزمان .. بين في هذه الآيات السبيل في معاملة من يخوض في آيات الله بالباطل، ومن يتخذ دين الله هزوًا ولعبًا من الكفار الذين لم يجيبوا الدعوة.
أسباب النزول
قوله تعالى:{قُلْ هُوَ الْقَادِرُ ...} الآيات، سبب نزولها (١): ما أخرجه ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم قال: لما نزلت: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ ...} الآية، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيوف"، قالوا: ونحن نشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، فقال بعض الناس:"لا يكون هذا أبدًا أن يقتل بعضنا بعضًا، ونحن مسلمون"، فنزلت: {انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (٦٥) وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (٦٦) لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٦٧)}.
التفسير وأوجه القراءة
٥٩ - {وَعِنْدَهُ} سبحانه وتعالى خاصة {مَفَاتِحُ الْغَيْبِ}؛ أي: مخازن الغيب أو المفاتح التي يتوصل بها إلى المخازن؛ أي: له سبحانه وتعالى علم الأمور المغيبة المخفية عن غيره، من الأرزاق والأمطار والآجال والعذاب والثواب والحساب والجزاء وغيرها.
وقرىء:{مفاتيح} بالياء. {لَا يَعْلَمُهَا}؛ أي: لا يعلم تلك الأمور المغيبة ولا يحيط بها {إِلَّا هُوَ} سبحانه وتعالى، وهذه الجملة الفعلية مؤكدة لمضمون الجملة التي قبلها، ويندرج تحت مضمون هذه الآية علم ما يستعجله الكفار من العذاب اندراجًا أوليًّا، كما يدل عليه السياق، فهو سبحانه وتعالى الذي يحيط بها، وسواه جاهل بذاته، لا يعلم منها شيئًا إلا بإعلامه عَزَّ وَجَلَّ، فعلينا أن نفوِّض إليه إنجازه وعده لرسله بالنصر، ووعيده لأعدائه بالعذاب والقهر، وأن نجزم بأنه لا يُخلف وعده رسله، وإنما يؤخر تنفيذه إلى الأجل الذي اقتضته حكمته.