للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بمعنى جميعًا، نظير قوله تعالى: {أَكْلًا لَمًّا} فيكون توكيدًا لـ (كُلًّا)؛ أي: وإن كلًّا جميعًا من الخلائق، والله ليعطينَّهم ربك جزاء أعمالهم، {إنه}؛ أي: إن ربك سبحانه وتعالى {بِمَا يَعْمَلُونَ}؛ أي: بما يعمل كل فرد من المختلفين من الخير أو الشر {خَبِيرٍ}؛ أي: عالم بحيث لا يخفى عليه شيء من جلائله ودقائقه، فيجازي كلًّا بحسب عمله، وتوفية جزاءِ الطاعاتِ وعدٌ عظيمٌ، وتوفيةُ جزاء المعاصي وعَيدٍ عظيمٌ، والجملة تعليل لما قبلها، فعلى العاقلِ أن ينتبهَ من الغفلة، ويجانبَ ما يخالفَ أمر الله تعالى، فإن الله سبحانه وتعالى لا يفوته منه شيء. وقرأ (١) الحرمِيَّان نافع وابن كثير، وأبو بكر: {وَإِنَّ كُلًّا} بتخفيف النون ساكنة. وقرأ الباقون بتشديد: (إنَّ). وقرأ ابن عامر، وعاصم، وحمزة: {لَمَّا} بالتشديد هنا وفي يس والطارق. وأجمعت السبعة على نصب (كُلًّا). فَتُصوَّر في قراءتهم أربع قراءات:

إحداها: تخفيفُ (إنْ) وتخفيف (لمَا) وهي قراءة الحرميان.

والثانية: تشديدهما، وهي قراءة ابن عامر وحمزة وحفص.

والثالثة: تخفيف (إن) وتشديد لمَّا، وهي قراءة أبي بكر.

والرابعة: تشديد (إنَّ) وتخفيف لما، وهي قراءة الكسائي وأبي عمرو.

وقرأ أبيٌّ والحسن بخلاف عنه، وأبان بن تغلب، و {إنْ} بالتخفيف {كل} بالرفع {لمَّا} مشددًا. وقرأ الزهري وسليمان بن أرقم: {وَإِن كلًّا لمَّا} بتشديد الميم وتنوينها ولم يتعرضوا لتخفيف (إنْ) ولا تشديدها. وقال أبو حاتم الذي في مصحف أبي: {وإن مِنْ كُلَّ إِلَّا لَيُوفِيَّنَهم}. وقرأ الأعمش: {وإنْ كلُّ إلا} وهو حرف ابن مسعود. فهذه أربعة وجوه في الشاذ.

١١٢ - ثم أمر سبحانه رسوله - صلى الله عليه وسلم - بكلمة جامعة لأنواع الطاعة له سبحانه فقال: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ}؛ أي: مثل الاستقامة التي أمرت بها في العقائد والأعمال


(١) البحر المحيط.