للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واسع الغفران، وقيل: {تَوَّابًا}؛ أي: رجاعًا بعباده عن معصيته إلى طاعته، {رَحِيمًا} لهم بترك أذاهم إذا تابوا، وقيل: {التوابُ} هو الذي يعودُ على عبده بفضله، ومغفرته، إذا تاب إليه من ذنبه، {والرحيم} كثير الرحمة والغفران لأرباب العصيان.

وهذه الجملةُ جاءت تعليلًا للأمر بالإعراض، والخطابُ هنا لأولي الأمر والحكام، وقد عُلم مما مر أن الإمساك في البيوت والإيذاءَ باللسان قد نسِخَا برجم المحصن وجلد البكر.

وقال أبو مسلم الأصفهاني بن بحر، والمرادُ بقوله: {وَاللَّاتِي يَأتِينَ الْفَاحِشَةَ} السحاقات وحدُّهن الحبس إلى الموت، أو إلى أن يُسهلَ الله لها قضاء الشهوة بطريق النكاح، والمراد بقوله: {وَاللَّذَانِ يَأتِيَانِهَا مِنْكُمْ} أهل اللواط، وحَدُّهُمَا الأذى بالقول والفعل، والآية التي في سورة النور في الزانية والزاني، وخالف جمهور المفسرين، وبناه أبو مسلم على أصل له، وهو يرى أنه ليس في القرآن ناسخ ولا منسوخ.

١٧ - {إِنَّمَا التَّوْبَةُ} الواجهب قبولُها {عَلَى اللَّهِ} بمقتضى وعده لعباده، وجوبُ تفضل وإحسان، لا وجوبُ استحقاق وإلزام، كائنة ثابتة {لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ} ويفعلون {السُّوءَ} والذنب حالةَ كونهم ملتبسين {بِجَهَالَةٍ}، وسفه، فإنَّ ارتكابَ الذنب، ولومع العلم به سفه وتجاهل، أو المعنى: الذين يعملون المعصيةَ مع عدم علمهم بأنها معصية، لكنه يمكنه تحصيل العلم بأنها معصية {ثُمَّ يَتُوبُونَ}، ويرجعون إلى طاعة الله تعالى {مِنْ قَرِيبٍ}؛ أي: في زمن قريب، والزمنُ القريب: هو الوقت الذي تسكن به ثَورةُ الشهوة، أو تنكسر به حدة الغضب، ويثوب فاعلُ السيئة إلى حلمه، ويرجعُ إليه دينه وعقله، وقيل: هو ما قبل معاينة سبب الموت وأهواله، وهذا القولُ ضعيف كما سيأتي الإشارة إليه قريبًا {فَأُولَئِكَ} الذين فعلوا الذنوبَ بجهالة، وتابوا بعد قريب من الزمن {يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ}؛ أي: يقبل توبتَهم؛ لأن الذنوبَ لم ترسخ في نفوسهم، ولم يصروا على ما فعلوا، وهم يعلمون.