للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على صدقك {فَأْتِ بِها}؛ أي: فأحضرها عندي ليثبت صدقك {إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} في دعواك أنّك رسول.

أي: قال فرعون لموسى: إن كنت قد جئت مؤيدا بآية من عند من أرسلك كما تدّعي .. فأتني بها، وأظهرها لدي إن كنت ممن يقول الصدق، ويلتزم قول الحق.

١٠٧ - ثم ذكر أن موسى أجابه إلى ما طلبه فقال: {فَأَلْقى} موسى {عَصاهُ}؛ أي: فلم يلبث موسى أنّ ألقى ورمى عصاه - التي كانت بيمينه - أمام فرعون {فَإِذا هِيَ}؛ أي: العصا {ثُعْبانٌ}؛ أي: حية ضخمة صفراء ذكر {مُبِينٌ}؛ أي: ظاهر بيّن، لا خفاء ولا شك في كونه ثعبانا حقيقيا، يسعى وينتقل من مكان إلى آخر، وتراه الأعين من غير أن يسحرها ساحر فيخيل إليها أنّها تسعى.

روي (١) أنّه لما ألقاها صارت ثعبانا أشعر فاغرا فاه، بين لحييه ثمانون ذراعا، قائما على ذنبه، مرتفعا من الأرض بقدر ميل، وضع لحيه الأسفل على الأرض، والأعلى على سور القصر، ثم توجه نحو فرعون ليبتلعه، فوثب فرعون عن سريره هاربا وأحدث، وانهزم الناس مزدحمين، فمات منهم خمسة وعشرون ألفا، فصاح فرعون: يا موسى أنشدك بالذي أرسلك خذه وأنا أؤمن بك وأرسل بني إسرائيل، فأخذه فعاد عصا، فإن قلت: وصفها هنا بالثعبان، والثعبان من الحيات العظيم الضخم، ووصفها في آية أخرى بأنّها جان، والجان الحية الصغيرة، فبين الوصفين معارضة؟

قلت: يمكن الجمع بين الوصفين أنّها كانت في عظم الحية كالثعبان العظيم، وفي خفة الحركة كالحية الصغيرة، وهي الجان. ذكره في «الخازن».

قيل (٢): بدأ بالعصا دون سائر المعجزات لأنّها معجزة تحتوي على معجزات كثيرة، قالوا منها: أنّه ضرب بها باب فرعون ففزع من قرعها، فشاب رأسه فخضبه بالسواد، فهو أول من خضب السواد. ومنها: انقلابها ثعبانا،


(١) المراح.
(٢) البحر المحيط.