للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال هذا القول، ثم إنّ الملأ من قومه - وهم خاصته - سمعوه منه، ثم إنّهم بلغوه إلى العامة، فأخبر الله عز وجل هنا عن الملأ، وأخبر هناك عن فرعون، والله أعلم.

١١٠ - وجملة قوله: {يُرِيدُ}؛ أي: موسى {أَنْ يُخْرِجَكُمْ} أيها القبطيون {مِنْ أَرْضِكُمْ} ووطنكم مصر، صفة ثانية لساحر.

والمعنى: قال (١) الأشراف والرؤساء من قوم فرعون: إنّ هذا الرجل لساحر عليم؛ أي: ماهر في فنون السحر، قد وجه كل همه لسلب ملككم منكم، وإخراجكم من أرضكم بسحره، إذ به يستميل الشعب إليه، وينتزع منكم الملك، ثم يخرج الملك وعظماء رجاله من البلاد، حتى لا يناوئوه في شؤون الملك واستعادته منه، استشعرت (٢) نفوسهم الخبيثة ما صار إليه أمرهم، من إخراجهم من أرضهم، وخلو مواطنهم منهم، وخراب بيوتهم، فبادروا إلى الإخبار بذلك، وكان الأمر كما استشعروا، إذ أغرق الله فرعون وآله، وأخلى منازلهم منهم، وهذا المذكور من كلام الملأ لفرعون، وأما قوله: {فَماذا تَأْمُرُونَ} فقيل (٣): هو من كلام فرعون؛ أي: قال فرعون للملأ - لما قالوا ما تقدم - بأي شيء تأمرونني فيه؟ وقيل: هو من كلام الملأ؛ أي: قالوا لفرعون: فبأي شيء تأمرنا فيه؟ وخاطبوه بما يخاطب به الجماعة تعظيما له، كما يخاطب الرؤساء أتباعهم، ولكن كون هذا من كلام فرعون هو الأولى، بدليل ما بعده، وهو قوله: {قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (١١١) أي: قال الملأ لفرعون حين استشارهم بقوله: {فَماذا تَأْمُرُونَ} أرجه وأخاه هارون؛ أي: أخر الفصل والقضاء في أمره وأمر أخيه، وأرسل في مدائن ملكك جماعات من رجال شرطتك وجندك، {حاشِرِينَ}؛ أي: جامعين لك السحرة منها، وسائقيهم إليك، وكان رؤساء السحرة ومهرتهم في أقصى مدائن الصعيد.


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.
(٣) الشوكاني.