روي: أنّ هاتين الآيتين نزلتا في من علم الله عدم إيمانه من الكفار، إما مطلقا، وإما في طائفة مخصوصة، كأبي جهل، وأبي لهب، وغيرهما من كفار مكة. والحكمة في إخبار الله سبحانه نبيّه صلّى الله عليه وسلّم بذلك؛ إراحة قلبه من تعلّقه بإيمانهم، فلا يشغل بهدايتهم ولا تأليفهم. قال أبو حيان: وذكر المفسرون في سبب نزول هاتين الآيتين أقوالا:
أحدها: أنّها نزلت في يهود كانوا حول المدينة، قاله ابن عباس، وكان يسميهم.
الثاني: نزلت في قادة الأحزاب من مشركي قريش، قاله أبو العالية.
الثالث: في أبي جهل، وخمسة من أهل بيته، قاله الضحاك.
الرابع: في أصحاب القليب، وهم: أبو جهل، وشيبة بن ربيعة، وعقبة بن أبي معيط، وعتبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة.
الخامس: في مشركي العرب قريش، وغيرها.
السادس: في المنافقين.
والحكمة في عدم الدعاء منه عليهم مع علمه بأنّه يستحيل إيمانهم، أنّه يرجو الإيمان من ذرّيتهم.
التفسير وأوجه القراءة
٦ - {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} وجحدوا، وأنكروا بآيات الله، وكذبوا برسوله محمد صلّى الله عليه وسلّم وأصرّوا، وداموا على ذلك. {سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} أي: مستو عندهم في عدم الإفادة، إنذارك وتخويفك يا محمد إياهم من عذاب الله على كفرهم، وعدم إنذارك إيّاهم. فهم {لا يُؤْمِنُونَ} أي: لا يصدّقون بما جئتهم به من التوحيد، فلا تطمع في إيمانهم، ولا تذهب نفسك عليهم حسرات؛ لأنّه قد سبق في علمنا عدم إيمانهم بك. وفي هذا تسلية للنبي صلّى الله عليه وسلّم على تكذيب قومه له.