التوبيخ والإيماء إلى تعجيزهم عن إقامة العذر على كفرهم، كأنه قيل: هاتوا عذركم، إن كان ذلك في مكنتكم.
٩٩ - {قُلْ} لهم يا محمد أيضًا {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ} وتصرفون وتمنعون {عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} ودينه الحق الموصل إلى السعادة الأبدية، وهو ملة الإسلام {مَنْ آمَنَ} باللهِ وبمحمد وبالقرآن بإضلالكم ضعفة المسلمين، وإلقاء الشبهة والشكوك في قلوبهم، وذلك بإنكارهم صفة محمد - صلى الله عليه وسلم - المذكورة في كتبهم {تَبْغُونَهَا عِوَجًا}؛ أي: حالة كونكم تطلبون لسبيل الله اعوجاجًا وميلًا عن القصد، والاستقامة بقولكم: إن النسخ ممنوع، لأنه يدل على البداء، وبقولكم: ورد في التوراة أن شريعة موسى باقية إلى الأبد، وبتغيير صفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. والمعنى: لم تطلبون الزيغ والميل في سبيل الله بلقاء الشبه في قلوب الضعفاء.
وخلاصة المعنى: لِمَ تتركون السبيل المعتدلة، وتطلبون السبيل المعوجة؟! {وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ}؛ أي: والحال أنكم تشهدون أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - وصفته مكتوبة في التوراة، وأن دين الله الذي لا يقبل غيره: هو الإسلام. وقيل: معناه: وأنتم تشهدون المعجزات التي تظهر على يد محمد - صلى الله عليه وسلم - الدالة على نبوته، وأنها سبيل الله التي لا يصد عنها إلا ضال مضل.
وحاصل المعنى: لأي سبب تصرفون من آمن بمحمد - صلى الله عليه وسلم - واتبعه عن الإيمان الذي يرقى عقل المؤمن بما فيه من طلب النظر في الكون، ويرقى روحه بتزكيتها بالأخلاق الطيبة، والأعمال الصالحة، وتكذبون بذلك كفرًا، وعنادًا، وكبرًا، وحسدًا، وتلقون الشبهات الباطلة في قلوب الضعفاء من المسلمين بغيًا وكيدًا للنبي - صلى الله عليه وسلم - تبغون لأهل دين الله، ولمن هو على سبيل الخير عوجًا، وضلالًا، وزيغًا عن الاستقامة على الهدى والمحجة، وأنتم عارفون بتقدم البشارة به، عالمون بصدق نبوته، ومن كان كذلك. فلا يليق به الإصرار على الباطل والضلال والإضلال؟!.
قرأ الجمهور {لِمَ تَصُدُّونَ} من صد الثلاثي، وهو متعدّ، ومفعوله من آمن، وقرأ الحسن شذوذًا {تَصُدُّونَ} من أصد الرباعي عدى صد اللازم بالهمز،