السِّحْرِ} عطف على خطايانا؛ أي: وليغفر لنا السحر الذي عملنا في معارضة موسى، رغبةً في خيرك، ورهبة من شرك، بإكراهك وحشرك إيانا من المدائن القاصية، خصوه بالذكر مع اندراجه في خطاياهم، إظهارًا لغاية نفرتهم منه، ورغبتهم في مغفرته {وَاللَّهُ} سبحانه {خَيْرٌ} منك ثوابًا إن أطعناه {وَأَبْقَى}؛ أي: أدوم منك عقابًا إن عصيناه؛ أي: خيره خير من خيرك، وعذابه أدوم من عذابك، قال الحسن: سبحان الله لقوم كفارهم أشد الكافرين كفرًا ثبتفى قلوبهم الإيمان طرفة عين، فلم يتعاظم عندهم أن قالوا:{اقض ما أنت قاض} في ذات الله تعالى، والله إن أحدهم اليوم ليصحب القرآن ستين عامًا، ثم إنه ليبيع دينه بثمن حقير.
٧٤ - ثم ختم السحرة كلامهم بشرح أحوال المجرمين، وأحوال المؤمنين يوم العرض والحساب، عظةً لفرعون، وتحذيرًا له من نقمة الله وعذابه السرمدي، وترغيباً لهفى ثوابه الأبدي فقالوا:{إِنَّهُ}؛ أي: الشأن والحال، وهو تعليل من جهتهم، لكونه تعالى خيرًا وأبقى؛ أي: لأنه {مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ} يوم القيامة حالة كونه {مُجْرِمًا}؛ أي: متلبسًا بالكفر والمعاصي، متوغلاً في إجرامه، منهمكاً فيه، بأن يموت على الكفر والمعاصي، ولأنه مذكور في مقابلة المؤمن {فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا}؛ أي: في جهنم، فينتهي عذابه ويستريح، وهذا تحقيق لكون عذابه أبقى {وَلَا يَحْيَى} حياةً ينتفع بها.
والمعنى (١): أي إن من يلق الله تعالى وهو مجرم بكفره ومعاصيه .. فإن له جهنم لا يموت فيها فينتهي عذابه، ولا يحيا حياة طيبة ينتفع فيها بالنعيم المقيم، قال المبرد: لا يموت ميتةً مريحةً، ولا يحيى حياةً ممتعة، فهو يألم كما يألم الحي، ويبلغ به حالة الموت في المكروه، إلا أنه لا يعطل فيها عن إحساس الألم، والعرب تقول: فلان لا حي ولا ميت، إذا كان غير منتفع بحياته، كما قالت زوج صخر حين سئلت عنه وهو مريض: لا هو حي فيرجى، ولا ميت فينعى
٧٥ - {وَمَنْ يَأْتِهِ} سبحانه وتعالى يوم القيامة حالة كونه {مُؤْمِنًا} به تعالى وبما