للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الإشارة تفسير الضمير في قوله: خير نسائها، ومعناه أنهما خير كل النساء بين السماء والأرض، قال النووي: والأظهر أن معناه أن كل واحدة منهما خير نساء الأرض عصرها، وأما التفضيل بينهما فمسكوت عنه.

وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وفضل عائشة على النساء، كفضل الثريد على سائر الطعام"، متفق عليه. وليس في هذا تصريح بتفضيلها على مريم وآسية؛ لاحتمال أن المراد تفضيلها على نساء هذه الأمة.

وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمَّد، وآسية امرأة فرعون" أخرجه الترمذي.

٤٣ - {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ}؛ أي: قالت الملائكة لها شفاهًا يا مريم دومي على طاعة ربك بأنواع العبادات شكرًا لذلك الاصطفاء، وقيل: أطيلي القيام في الصلاة شكرًا لربك.

وروى مجاهد (١): أنها لما خوطبت بهذا .. قامت حتى ورمت قدماها، وقال الأوزاعي: قامت حتى سال الدم والقيح من قدميها، وروي أن الطير كانت تنزل على رأسها تظنها جمادًا؛ لسكونها في طول قيامها. {وَاسْجُدِي وَارْكَعِي}؛ أي: ائتي بالسجود والركوع {مَعَ الرَّاكِعِينَ}؛ أي: مع المصلين، فهو من إطلاق الجزء وإرادة الكل؛ أي: صلي مع المصلين جماعة في بيت المقدس، فإنِّ اقتداء النساء بالرجال حال الاختفاء من الرجال أفضل من الاقتداء بالنساء، وإنما قدم السجود (٢) على الركوع؛ لأن الواو لا تقتضي الترتيب إنما هي للجمع، كأنه قيل لها: افعلي الركوع والسجود، وقيل: إنما قدم السجود على الركوع؛ لأنه كان


(١) البحر المحيط.
(٢) أبو السعود.