للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فرط؛ أي: مقصرون مضيعون، وعنه أيضًا فتح الراء وشدها؛ أي: مقدمون من فرطته المعدى بالتضعيف من فرط بمعنى تقدم.

٦٣ - ثم بين (١) سبحانه أنَّ هذا الصنيع الذي صدر من قريش قد حدث مثله من الأمم السالفة في حق أنبيائهم، فقال مسلِّيًا رسوله على ما كان يناله من الغم بسبب جهالاتهم: {تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ}؛ أي: والله لقد أرسلنا رسلًا من قبلك إلى أممهم بمثل ما أرسلناك به إلى أمتك من الدعاء إلى توحيد الله تعالى، وإخلاص العبادة له، وخلع الأنداد والأوثان {فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ}؛ أي: فحسن لهم الشيطان أعمالهم القبيحة، من الكفر بالله والتكذيب بالرسل وعبادة الأوثان، فكذبوا رسلهم، وردوا عليهم ما جاءوا به من عند ربهم، وما كان ناصرهم فيما اختاروا إلا الشيطان، {فَهُوَ}؛ أي: الشيطان {وَلِيُّهُمُ}؛ أي: ناصرهم وقرينهم ومتولي أمورهم {الْيَوْمَ}؛ أي: في الدنيا بإغوائهم وإضلالهم، وبئس الناصر والقرين، {وَلَهُمْ} في الآخرة {عَذَابٌ أَلِيمٌ}، هو عذاب النار حين ورودهم إلى ربهم، إذ لا تنفعهم إذ ذاك ولاية الشيطان، كما لا تنفعهم في الدنيا، وعبارة "الشوكاني" هنا: ويحتمل (٢) أن يكون اليوم عبارة عن زمان الدنيا، فيكون المعنى: فهو قرينهم في الدنيا، ويحتمل أن يكون اليوم عبارة عن يوم القيامة وما بعده، فيكون للحال الآتية، ويكون الولي بمعنى الناصر، والمراد نفي الناصر عنهم على أبلغ الوجوه، لأن الشيطان لا يتصور منه النصرة أصلًا في الدار الآخرة، وإذا كان الناصر منحصرًا فيه .. لزم أن لا نصرة من غيره، ويحتمل يراد باليوم بعض زمان الدنيا، وهو على وجهين:

الأول: أن يراد البعض الذي قد مضى، وهو الذي وقع فيه التزيين من الشيطان للأمم الماضية، فيكون على طريق الحكاية للحال الماضية.

والثاني: أن يراد البعض الحاضر، وهو وقت نزول الآية، والمراد تزيين


(١) المراغي.
(٢) الشوكاني.