٦٠ - ولما كان الأذى إنما يحصل من أهل النفاق ومن على شاكلتهم .. حذرهم بقوله:{لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ}، واللام: موطئة للقسم؛ أي: وعزتي وجلالي لئن لم ينزجر ويمتنع المنافقون عما هم عليه من النفاق، وأحكامه الموجبة للإيذاء {وَ} لم ينته {الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}؛ أي: ضعف إيمان، وقلة ثبات عليه، أو فجور من تزلزلهم في الدين، وما يستتبعه مما لا خير فيه، أو من فجورهم وميلهم إلى الزنا والفواحش {وَ} لم ينته {الْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ}؛ أي: المخبرون في المدينة الأخبار الكاذبة المشوشة المضعفة لعزائم المسلمين في الجهاد، عما هم عليه من نشر أخبار السوء عن سرايا المسلمين، بأن يقولوا: انهزموا، وقتلوا، وأخذوا، وجرى عليهم كيت وكيت، وأتاكم العدو، وغير ذلك من الأراجيف المؤذية الموقعة لقلوب المسلمين في الاضطراب والإنكار والرعب {لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ} جواب القسم المحذوف؛ أي: لنحرضنك يا محمد بقتلهم، ولنامرنك باستئصالهم؛ أي: لنسلطنك يا محمد على هؤلاء المنافقين الذين جمعوا بين النفاق ومرض القلوب دمارجاف المسليمن، فتستأصلهم بالقتل والتشريد والإجلاء بأمرنا لك بذلك.
قال القرطبي: أهل التفسير على أن الأوصاف الثلاثة لشيء واحد، والمعنى: إن المنافقين قد جمعوا بين النفاق ومرض القلوب والإرجاف على المسلمين، فهو على هذا من باب قوله:
أي: إلى الملك القرم ابن الهمام ليث الكتيبة. وقال عكرمة وشهر بن حوشب: الذين في قلوبهم مرض هم الزناة.
وقوله:{ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا}؛ أي: في المدينة، معطوف على جواب القسم، و {ثُمَّ} للدلالة على أن الجلاء ومفارقة جوار الرسول أعظم ما يصيبهم. وعبارة "الكشاف" هنا: إنما عطف بـ {ثُمَّ}؛ لأن الجلاء عن الأوطان كان أعظم عليهم من جميع ما أصيبوا به، فتراخت حاله عن الحال المعطوف عليه. اهـ يعني: أنها للتفاوت الرتبي، والدلالة على أن ما بعدها أبعد مما قبلها، وأعظم وأشد عندهن. اهـ "شهاب"؛ أي: لا يساكنونك في المدينة {إِلَّا قَلِيلًا}؛ أي: زمانًا أو جوارًا قليلًا ريثما - قدر ما - يتبين حالهم من الانتهاء وعدمه، فيهلكوا إن لم ينتهوا،