سورة الأعلى، وتسمى سورة: سبح، مكية في قول الجمهور، نزلت بعد سورة التكوير، وقال الضحاك: هي مدنية، وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال: نزلت سورة سبح اسم ربك الأعلى بمكة، وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير وعائشة مثله، وأخرج البخاري وغيره عن البراء بن عازب قال: أول من قدم علينا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - مصعب بن عمير، وابن أم مكتوم، فجعلا يقرآننا القرآن، ثم جاء عمار وبلال وسعد، ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين، ثم جاء النبي - صلى الله عليه وسلم -، فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم به، حتى رأيت الولائد والصبيان يقولون: هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قد جاء فيما جاء، حتى قرأت {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)} في سور مثلها.
ومناسبتها لما قبلها: أنه ذكر في تلك خلق الإنسان، وأشار إلى خلق النبات بقوله: {وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (١٢)}، وذكر هنا خلق الإنسان في قوله:{خَلَقَ فَسَوَّى}، وخلق النبات في قوله: {وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (٤) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى (٥)}، وقصة النبات هنا أوضح وأكثر بسطًا، وقصة خلق الإنسان هناك أكثر تفصيلًا.
وعبارة أبي حيان: مناسبتها لما قبلها: أنه سبحانه وتعالى لما ذكر فيما قبلها: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (٥)}، كأن قائلًا قال: من خلقه على هذا المثال؟ فقيل: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)}، وأيضًا لما قال: {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (١٣)} .. قيل: هو {سَنُقْرِئُكَ}؛ أي: ذلك القول الفصل. انتهى.
فضلها: ومما ورد في فضل هذه السورة: ما أخرجه الإِمام أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي عن النعمان بن بشير رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)}، و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (١)}،