للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال: {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ} وصحب لقمان داود شهورًا، وكان يسرد الدرع فلم يسأله عنها، فلما أتمها لبسها، وقال: نعم لبس الحرب أنت.

{كَذَلِكَ}؛ أي: إتمامًا مثل إتمامنا عليكم هذه النعم التي تقدمت {يُتِمُّ} سبحانه وتعالى {نِعْمَتَهُ} الظاهرة والباطنة {عَلَيْكُمْ} يا معشر قريش {لَعَلَّكُمْ} تتفكرون فيها وتنظرون إليها، و {تُسْلِمُونَ}؛ أي: تستسلمون لأوامرنا، وتنقادون لرسولنا فيما يأمركم به وينهاكم عنه؛ أي: أتمها عليكم، وأعطاها لكم تامة، إرادة أن تنظروا فيما أسبغ عليكم من النعم الظاهرة والباطنة، والأنفسية والآفاقية، فتعرفوا حق منعمها فتؤمنوا به وحده، وتذروا ما كنتم به تشركون، وتنقادوا لأمره.

والمعنى: أي كما (١) خلق هذه الأشياء لكم، وأنعم بها عليكم، يتم نعمة الدنيا والدين عليكم، ويجعلكم ملوكًا وأمراء فيما تفتحون من البلاد والأصقاع، ويجعل رائدكم فيما تعملون وجه الله، وإصلاح الأمم والشعوب كما قال: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ}.

{لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ}؛ أي: توقعًا للنظر فيما أسبغ عليكم من النعم، فتعرفون حق المنعم بها، فتؤمنون به وحده، وتذرون ما أنتم به مشركون، فتسلمون من عذابه، فإن العاقل إذا أسدي إليه المعروف .. شكر من أنعم به عليه.

وقرأ ابن عباس (٢): {تتم} بتاء مفتوحة {نعمته} بالرفع، أسند التمام إليها اتّساعًا، وعنه {نِعْمَتَهُ} جمعًا، وقرأ {لعلكم تسلمون} بفتح التاء واللام، من السلامة والخلاص، فكأنه تعليل لوقاية السرابيل من أذى الحرب، أو تسلمون من الشرك وأما {تسلمون} في قراءة الجمهور فمعناه: تؤمنون، أو تنقادون إلى النظر في نعم الله تعالى المفضي إلى الإيمان والانقياد.

٨٢ - وبعد أن عدد ما أنعم به عليهم من النعم .. ذكر ما يتبع معهم إذا هم أصرُّوا على عنادهم واستكبارهم، ولم تنفعهم الذكرى فقال: {فَإِنْ تَوَلَّوْا}، فعل


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.