للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عباده، ومن همزات الشياطين، وأن يحضرون فإنه لا يحضرك، وبالحري لا يضرك".

وروى أبو داود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كان يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الهرم، وأعوذ بك من الهدم، ومن الغرق، وأعوذ بك أن تتخبطني الشياطين عند الموت"، وكلمات الله كتبه المنزلة على أنبيائه، أو صفات الله، كالعزة والقدرة. وصفها بالتمام، لعرائها عن النقص والانقصام.

٩٩ - وحتى فى قوله: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ} هي الابتدائية. دخلت على الجملة الشرطية، وهي مع ذلك غاية لما قبلها متعلقة بقوله: {لَكَاذِبُونَ}، وقيل: بـ {يَصِفُونَ}. والمراد بمجيء الموت مجيء علاماته؛ أي: هي (١) معمولة لمحذوف، يدل عليه ذلك، أي يستمر كفار مكة على التكذيب، أو على الوصف المذكور حتى إذا جاء أحدهم الموت، الذي لا مرد له، وظهرت له أحوال الآخرة.

{قَالَ} ذلك الأحد تحسرًا، على ما فرط من الإيمان والعمل {رَبِّ}؛ أي: يا رب {ارْجِعُونِ}؛ أي: ردني إلى دار الدنيا {لَعَلِّي أَعْمَلُ}؛ أي: لكي أعمل عملًا {صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ}؛ أي: فى الإيمان الذي تركته، وقصرت فيه، وفي العبادات البدنية والمالية والحقوق؛ أي: لعلي أعمل فى الإيمان الذي آتي به ألبتة، عملًا صالحًا، فلم ينظم الإيمان فى سلك الرَّجاء، كسائر الأعمال الصالحة، بأن يقول: لعلي أومن فأعمل إلخ. للإشعار بأنه أمر مقرر الوقوع، غنى عن الإخبار بوقوعه، فضلًا عن كونه مرجو الوقوع.

وقوله: {ارْجِعُونِ} (٢) خطاب لله. وجمع الضمير تعظيمًا لله؛ لأن العرب تخاطب الواحد الجليل الشأن بلفظ الجماعة. وفيه رد على من يقول الجمع للتعظيم فى غير المتكلم، إنما ورد فى كلام المولدين.

وقيل: الخطاب للملائكة، الذين يقبضون الأرواح، من ملك الموت


(١) المراح.
(٢) المراح.