للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا وقعتم في الأمر العظيم، فقولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل". وأخرج ابن أبي الدنيا، عن عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا اشتد غمه مسح بيده على رأسه، ولحيته، ثم تنفس الصعداء، وقال: "حسبي الله ونعم الوكيل".

وأخرج أبو نعيم عن شداد بن أوس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "حسبي الله ونعم الوكيل، أمان كل خائف".

١٧٤ - وقوله: {فَانْقَلَبُوا} معطوف على محذوف تقديره: أي: فخرجوا للقاء عدوهم، ولم يلقوا منه كيدًا، ولا همًّا، وانقلبوا؛ أي: رجعوا إلى أهليهم حالة كونهم ملتبسين {بِنِعْمَةٍ} وسلامةٍ وثواب {مِنَ اللَّهِ} سبحانه وتعالى {وَفَضْلٍ}؛ أي: وزيادةٍ، وربح في تجارتهم، وهو ما أصابوا في سوق بدر من الربح، وقيل: النعمة منافع الدنيا، والفضل ثواب الآخرة، وحالة كونهم {لَمْ يَمْسَسْهُمْ}؛ أي: لم يصبهم في الذهاب، والإياب {سُوءٌ}؛ أي: قتل ولا جراحٌ من عدوهم.

{وَاتَّبَعُوا}؛ أي: وامتثلوا رسول الله في كل ما به أمر ونهى عنه لينالوا {رِضْوَانَ اللَّهِ} سبحانه وتعالى في كل ما أتوا به من قول أو فعل؛ أي: ليفوزوا برضا الله الذي هو وسيلة النجاة، والسعادة في الدنيا، والآخرة، {وَاللَّهُ} سبحانه وتعالى {ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} ومَنٍّ جسيم عليهم إذ تفضل عليهم بزيادة الإيمان، والتوفيق بالمبادرة إلى الجهاد والجرأة على العدو وحفظهم من كل ما يسوءهم.

١٧٥ - وفي هذا إلقاء للحسرة في قلوب المتخلِّفين منهم، وإظهارٌ لخطأ رأيهم، إذ حرموا أنفسهم ما فاز به هؤلاء. {إِنَّمَا ذَلِكُمُ} المخوف المثبط القائل لكم: إن الناس قد جمعوا لكم، وهو نعيم بن مسعود هو {الشَّيْطَانُ} سماه الله شيطانًا؛ لأنه كان تابعًا للشيطان، ولوسوسته {يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ}؛ أي: يخوفكم أيها المؤمنون عن لقاء أوليائه، ومقاتلتهم، وعن الخروج إليهم؛ أي: ليس ذلك الذي قال لكم: إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم إلا الشيطان يخوفكم أيها المؤمنون، عن قتال أوليائه وأنصاره، وأحزابه المشركين، ويوهمكم أنهم عدد كثر، وأولو قوة، وبأس شديد، وأن من مصلحتكم أن تقعدوا عن لقائهم، وتجبنوا عن مدافعتهم.