ثلاثة أضياف من المُرد ما رأينا قط أصبح وجهًا ولا أحسن شكلًا منهم، فذهبوا إلى دار لوط طلبًا منه لأولئك المرد،
٦٨ - فقال لهم لوط {إِنَّ هَؤُلَاءِ} المرد {ضَيْفِي}؛ أي: أضيافي، وحق على الرجل إكرام ضيفه، وأفرد الضيف لأنه مصدر كما مر، والمراد أضيافي، وسماهم ضيفًا لأنه رآهم على هيئة الأضياف، وقومه رأوهم مرد حسان الوجوه، فلذلك طمعوا فيهم {فَلَا تَفْضَحُونِ}؛ أي: فلا تظهروا عاري عندهم، فإن الضيف يجب إكرامه، فإذا قصدتموهم بالسوء .. كان ذلك إهانة فيَّ.
والمعنى:{وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ}؛ أي (١): وجاء أهل مدينة سذوم حين سمعوا أن ضيفًا قد ضافوا لوطًا، حالة كونهم {يَسْتَبْشِرُونَ}؛ أي: مستبشرين بنزولهم مدينتهم طمعًا في ركوب الفاحشة منهم، وفي هذا إيماء إلى فظاعة فعلهم، إذ هم خالفوا ما جرى به العرف وركب في الأذواق السليمة، من إكرام الغريب وحسن معاملته، وقصدوا بهم الفاحشة التي لم يسبقهم بها أحد من العالمين، وقد تقدم في سورة هود أن هذا المجيء قبل قول الملائكة:{فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ} فما في سورة هود على الترتيب الواقعي، وما هنا على خلافه، إلا أن يقال إن الواو لا تقتضي ترتيبًا اهـ شيخنا. وفي "الكرخي": وذكر القصة في هود بترتيب الوقوع، وهنا أخر ذكر مجيئهم عن قول الرسل: {قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ (٦٣) وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (٦٤)} مع تقدمه، ليستقل الأول ببيان كيفية نصرة الصابرين والثاني بتساوي الأمم، ذكره في "الفتوحات": روي أن امرأة لوط أخبرتهم بأنه نزل بلوط ثلاثة من المرد ما رأينا قط أصبح منهم وجهًا ولا أحسن شكلًا، فذهبوا إلى دار لوط طلبًا لهم، مظهرين اغتباطًا وسرورًا بهم، ثم أخبر عن مقالة لوط لقومه حين رآهم يقصدون به السوء. {قَالَ} لوط لقومه {إِنَّ هَؤُلَاءِ} الذين جئتموهم، تريدون منهم الفاحشة {ضَيْفِي}؛ أي: أضيافي {فَلَا تَفْضَحُونِ} فيهم وأكرموني بترك التعرض لهم بمكروه،
٦٩ - ثم زاد النهي توكيدًا بقوله:{وَاتَّقُوا اللَّهَ}؛ أي: وخافوا الله فيَّ وفي أنفسكم، أن يحل بكم عقابه في مباشرتكم لما يسوءني، أو في ركوب الفاحشة، واحفظوا ما أمركم به ونهاكم