وقرأ الجمهور:{يَقُومُ} بالياء، وابن هرمز وإسماعيل والمنقري عن أبي عمرو: بتاء تأنيث الجماعة. ذكره أبو حيان. قال الزجاج: الأشهاد: جمع شاهد مثل: صاحب وأصحاب. قال النحاس: ليس لباب فاعل أن يجمع على أفعال، ولكن ما جاء منه مسموعًا أدي على ما سمع ولا يقاس عليه، فهو على هذا جمع شهيد مثل: شريف وأشراف.
والمعنى (١): أي إنا لنجعل رسلنا هم الغالبين لأعدائهم، القاهرين لهم، وننصر معهم من آمن بهم في الحياة الدنيا، إما بإعلائهم على من كذبوهم كما فعلنا بداود وسليمان فأعطيناهما من الملك والسلطان ما قهرا به كل كافر، وكما فعلنا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - بإظهاره على من كذبه من قومه، وإما بانتقامنا ممن حادهم وشاقهم بإهلاكهم وإنجاء الرسل، كما فعلنا شرح وقومه، من إغراقهم وإنجائه، وكما فعلنا بموسى وفرعون وقومه، إذ أهلكناهم غرقًا ونجينا موسى ومن آمن معه من بني إسرائيل، وإما بانتقامنا منهم بعد وفاة رسلنا، كما نصرنا شعيبًا بعد مهلكِه، بتسليطنا على من قَتلهُ مَنْ سلطنا حتى انتصرنا بهم ممن قَتله.
٥٢ - وكذلك ننصرهم عليهم يوم القيامة يوم يقوم الأشهاد من الملائكة والأنبياء والمؤمنين على الأمم المكذبة لرسلها بالشهادة، بأن الرسل قد بلغوا رسالات ربهم، وأن الأمم قد كذبتهم، فيجازيهم الله بأعمالهم، فيدخلهم الجنة ويكرمهم بكراماته، ويجازي الكفار بأعمالهم، فيلعنهم ويدخلهم النار، وهو معنى قوله:{يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ} بدل من اليوم الأول، والمعذرة: مصدر ميمي بمعنى العذر؛ أي: يوم لا ينفع الظالمين عذرهم عن كفرهم لو اعتذروا في بعض الأوقات؛ لأن معذرتهم باطلة، فيقال لهم: اخسؤُوا ولا تكلمون، ويجوز أن يكون عدم نفع المعذرة لأنه لا يؤذن لهم فيعتذرون، فيكون من نفي المقيد والقيد لا معذرة ولا نفع يومئذ، وفي "عرائس البيان" ظلمهم عدولهم عن الحق إلى الخلق، واعتذارهم في الآخرة لا في الدنيا.