لهم على الكافزين، ما داموا عاملين بهديه سائرين على الطريق التي وضعها لنصرة الحق على الباطل، من الأخذ بالأسباب وكثرة العَدَد والعُدَد، فإذا هم فعلوا ذلك .. كانوا أشد منهم قتالًا، وأحسن منهم نظامًا، وبذا يفوزون بالمطلوب، وبحسن العاقبة،
١٠٥ - {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ} يا محمد {الْكِتَابَ}؛ أي: هذا القرآن حالة كونه متلبسًا {بِالْحَقِّ}؛ أي: بتحقيق الحق وبيانه، {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ}؛ أي: لأجل أن تحكم بين الناس {بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} سبحانه وتعالى؛ أي: بما أعلمك الله تعالى به في هذا الكتاب من الأحكام وأوحى به إليك، {وَلَا تَكُن} يا محمد {لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا}؛ أي: لا تكن مدافعًا ومخاصمًا عن الخائنين، تجادل وتدافع عنهم، والمراد بهم طعمة بن أبيرق وجماعته، بنو أبيرق بشر وبشير ومبشر، كما أخرجه الترمذي من حديث قتادة بن النعمان؛ أي: لا تكن مخاصمًا لمن كان بريئًا من الذنب والسرقة، وهو اليهودي زيد بن سمين، لأجل الدفع عن الخائنين، وهم طعمة وقومه، اعتمادًا على شهادتهم بالزور بأن اليهودي هو السارق لا هم.
وخلاصة ذلك: أن عليك أن لا تتهاون في تحري الحق اغترارًا بلحن الخائنين، وقوة جدلهم في الخصومة، لئلا تكون خصيمًا لهم، وتقع في ورطة الدفاع عنهم، ويؤيد هذا حديث أم سلمة:"إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلى، ولعل بعضكم يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي بنحو ما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئًا .. فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار".
١٠٦ - {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ} سبحانه وتعالى، مما هممت به من القضاء على اليهودي بقطع يده، تعويلًا على شهادتهم الكاذبة، أو المعنى: واستغفر الله مما يعرض لك من شؤون البشر وأحوالهم، بالميل إلى من تراه ألحن بحجته، أو الركون إلى مسلم لأجل إسلامه تحسينًا للظن به، فهذا ونحوه صورته صورة من أتى ذنبًا يوجب الاستغفار، وإن لم يكن متعمدًا للزيغ عن العدل والتحيز للخصم، وفي هذا من زيادة الحرص على الحق والتشديد فيه ما لا يخفى، حتى كان مجرد الالتفات إلى قول المخادع يجب الاحتراس منه، كما أن فيه إيماء إلى أن