للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويعقوب: {ووعدناكم} بغير ألف واختاره أبو عبيدة؛ لأن الوعد، إنما هو من الله لموسى خاصةً، والمواعدة: لا تكون إلا من اثنين، وقرأ (١) حمزة، والكسائي، وطلحة: {قد أنجيتكم} {وواعدتكم} {ما رزقتكم} بتاء الضمير، وباقي السبعة: بنون العظمة، وقرأ حميد {نجيناكم} بتشديد الجيم من غير ألف قبلها، وبنون العظمة و {الْأَيْمَنِ}: منصوب على أنه صفة للجانب وقرىء بجر {الأيمن} على أنه صفة للمضاف إليه.

{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ} في التيه {الْمَنَّ} وهو: شيء حلو أبيض مثل الثلج، كان ينزل على الشجر كالطل، من الفجر إلى طلوع الشمس، لكل إنسان صاع، يقال له: الترنجبين، معرب كرنكبين {وَالسَّلْوَى} وهو: طائر يقال له: السماني، يبعثه عليهم ريح الجنوب، فيذبح الرجل منهم ما يكفيه، والتيه. المذكور آنفًا: المفازة التي يُتَاه فيها، وذلك حين أمروا بأن يدخلوا مدينة الجبارين فأبوا ذلك، فعاقبهم الله بأن يتيهوا في الأرض أربعين سنة، كما مر في سورة المائدة، ومثل (٢) ذلك كمثل الوالد المشفق، يضرب ولده العاصي ليتأدب، وهو لا يقطع عنه إحسانه، فقد ابتلوا بالتيه، ورزقوا بما لا تعب فيه.

٨١ - وقلنا لكم: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}؛ أي: من لذائذ ما رزقناكم أو حلالاته، قال الراغب: أصل الطيِّب ما تستلذه الحواس والنفس، والطعام الطيب في الشرع: ما كان متناولًا من حيث ما يجوز، وبقدر ما يجوز، ومن المكان الذي يجوز، فإنه متى كان كذلك كان طيبًا عاجلًا وآجلاً لا يستوخم، وإلا فإنه وإن كان طيبًا عاجلًا لم يطلب آجلًا. {وَلَا تَطْغَوْا}؛ أي: ولا تتجاوزوا الحد {فِيهِ}؛ أي: فيما رزقناكم بالإخلال بشكره، وبالسرف والبطر، والمنع من المستحق، والادخار منه لأكثر من يوم وليلة، قال ابن عباس: لا يظلم بعضكم بعضًا فيأخذه من صاحبه، يعني: بغير حق {فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي} جواب للنهي، أي: فيلزمكم عقوبتي، وتجب


(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.