الأفعال القبيحة والفواحش الخبيثة، والمعنى: فانظر أيها المعتبر هذا القصص وتأمله حق التأمل؛ لتعلم عذاب الأمم على ذنوبها في الدنيا قبل الآخرة.
وهذا العقاب أثر طبيعي لذلك، فإنك ترى الترف والفسق يفسدان أخلاق الأمم، ويذهبان ببأسها، ويفرقان كلمتها، ويجعلانها شيعا وأحزابا متعادية، فيسلط الله عليها من يستذلها، ويسلبها استقلالها، ويسخرها لمنافعه، ولا يزال بها هكذا حتى تنقرض وتكون من الهالكين، وقد يكون هلاكها بسنن الله في الأرض من إرسال الجوائح كالزلازل والرياح العاصفة، أو بالأوبئة والأمراض الفتاكة، أو بالثورات والفتن والحروب، ونحو ذلك مما يكون سببا في انقراض الأمم وفنائها.
وخلاصة القول في تحريم هذه الفاحشة:
١ - أنها مفسدة للشبان بالإسراف في الشهوات.
٢ - أنها مفسدة للنساء اللواتي ينصرف أزواجهن عنهن، ويقصرون فيما يجب عليهم من إحصانهن.
٣ - قلة النسل، فإن من لوازم ذلك الرغبة عن الزواج، والرغبة في إتيان الأزواج في غير مأتى الحرث. وفي الحياة الزوجية الشرعية إحصان كل من الزوجين للآخر بقصر لذة الاستمتاع عليه، وجعل ذلك وسيلة للحياة الوالدية التي تنمو بها الأمة، ويحفظ بها النوع الإنساني من الزوال.
٨٥ - {وَ} أرسلنا {إِلى} أولاد {مَدْيَنَ} بن إبراهيم عليه السلام {أَخاهُمْ} في النسب، لا في الدين {شُعَيْبًا} بن ثويب بن مدين بن إبراهيم الخليل بن تارخ بن ناحور بن ساروغ بن أرغو بن فالغ بن عابر؛ وهو هود عليه السلام، فبين شعيب وهود على هذا القول ثمانية آباء، وكان شعيب أعمى، وكان يقال له خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه. وقال قتادة: أرسل شعيب مرتين: مرة إلى مدين، ومرة إلى أصحاب الأيكة.
قيل: شعيب هو ابن بنت لوط، وقيل: زوج بنته، وهذه مناسبة بين قصته وقصة لوط. وقيل: مدين اسم لقرية شعيب بينها وبين مصر ثمانية مراحل سميت