للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عنه قميصي وصلاته من الله، والله إني كنت أرجو أن يسلم به ألف من قومه" ويروي أنه أسلم ألف من قومه لمَّا رأوه يتبرك بقميص النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي رواية عن جابر، قال: لما كان يوم بدر، أتى بالأسارى وأتي بالعباس، ولم يكن عليه ثوب فنظر النبي - صلى الله عليه وسلم - له قميصًا، فوجدو قميص عبد الله بن أبي مقدرًا عليه، فكساه النبي - صلى الله عليه وسلم - إياه فلذلك نزع النبي - صلى الله عليه وسلم - قميصه له. اهـ "الخازن".

٨٥ - ثم أكد ما تقدَّم من النهي عن الاغترار بالأموال والأولاد؛ لأن الأمر جد خطير، يحتاج إلى التوكيد إذ هما أعظم الأشياء جذبًا للقلوب، وجلبًا للخواطر للاشتغال بالدنيا، فيجب التحذير منهما مرةً بعد أخرى، فقال: {وَلَا تُعْجِبْكَ} يا محمد أموالهم وأولادهم؛ أي. كثرتها واغترارهم بها {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ} سبحانه وتعالى بتمتيعهم بالأموال والأولاد {أَنْ يُعَذِّبَهُمْ} ويتعبهم {بِهَا}؛ أي بمكابدتهم الشدائد في شأنها {وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ}، أي: وتخرج أرواحهم {وَهُمْ كَافِرُونَ}؛ أي: مغرورون بها عن نعيم الآخرة، أي: فيموتوا كافرين باشتغالهم بالتمتع بها.

وقد جاء (١) مثل هذا النص فيما سبق، إلا أن زيادة {لا} في الآية السابقة للنهي عن الإعجاب بكل من الأموال والأولاد على حدته، وهو شامل لمن كانت له إحدى المزيتين أو كلاهما، والنهي في هذه الآية عن الإعجاب بها مجتمعين، وهذا أدعى إلى الإعجاب بهما.

فصلٌ للكلام على هذه الآية في بحثين

البحث الأول: في وجه تكرارها (٢)، والحكمة فيه أن تجدد النزول له شأنٌ في تقرير ما نزل أولًا، وتأكيده وإرادة أن يكون المخاطب به على بالٍ، ولا يغفل عنه، ولا ينساه، وأن يعتقد أنَّ العمل به مهم، وإنما أعيد هذا المعنى لقوته فيما يجب أن يحذر منه، وهو أن أشد الأشياء جذبًا للقلوب والخواطر الاشتغال بالأموال والأولاد، وما كان كذلك يجب التحذير منه مرة بعد أخرى، وبالجملة


(١) المراغي.
(٢) الفتوحات.