للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بَارَكْنَا فِيهَا}؛ أي: أنزلنا البركة فيها للعالمين في الدين والدنيا؛ أي: أخرجناهما من العراق إلى أرض الشام المباركة، وقد (١) خرج إبراهيم من كوثى من أرض العراق، ومعه لوط وسارة يلتمس الفرار والأمان بدينه، والأمان على عبادة ربه، حتى نزل حرّان، فمكث بها ما شاء الله، ثم خرج منها، وجاء إلى مصر، ثم رجع إلى الشام، ونزل بفلسطين، وترك لوطًا بالمؤتفكة، وهي منها مسيرة يوم وليلة، وبعثه الله نبيًا إلى أهلها.

وقد كان الله تعالى، بارك في الأرض المقدسة، ببعث أكثر الأنبياء فيها، ونشر شرائعهم، التي هي البركات الحقيقية، الموصلة للعالمين، إلى الكمالات والسعادة الدينية والدنيوية، وبكثرة الماء. والشجر والثمر والحطب وطيب عيش الغني والفقير فيها.

٧٢ - ثم ذكر سبحانه ما أفاضه من النعم على إبراهيم فقال:

١ - {وَوَهَبْنَا لَهُ}؛ أي: لإبراهيم بعد نزوله في الأرض المباركة، وطلب الولد منها {إِسْحَاقَ} ولدا لصلبه من سارة، معناه: بالعبرانية الضحّاك، كما أن معنى إسماعيل بها، مطيع الله {وَيَعْقُوبَ}؛ أي: ووهبنا له يعقوب أيضًا، حال كونه {نَافِلَةً}؛ أي: ولد ولد، فهو حال من المعطوف عليه، فقط لعدم اللبس، وسمّي يعقوب؛ لأنه خرج عقيب أخيه عيص أو متمسكاً بعقبه، وعاش إسحاق مئة وسبعاً وأربعين سنة، كذا في "التحبير".

وقيل المعنى (٢): وهبناهما لإبراهيم نافلة؛ أي: عطية وفضلًا من غير أن يكونا جزاءاً مستحقاً. فنافلة منصوب على المصدر. وقيل (٣): النافلة الزيادة، وكان إبراهيم قد سأل الله سبحانه، أن يهب له ولدًا، فوهب له إسحاق، ثم وهب لإسحاق يعقوب من غير دعاء، فكان ذلك نافلة؛ أي: زيادة.

٢ - {وَكُلًّا}؛ أي: وكل واحد من هؤلاء الأربعة: إبراهيم ولوط وإسحاق


(١) روح البيان.
(٢) المراح.
(٣) الشوكاني.