١٢١ - ٥ أنه كان {شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ}؛ أي: لأنعم الله سبحانه وتعالى كما قال: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (٣٧)}؛ أي: قام بجميع ما أمره الله تعالى به، وفي هذا تعريض بكفار قريش الذين جحدوا بأنعم الله، فأصابهم الجوع والخوف، كما تقدم ذكره في المثل السابق، روي أن إبراهيم - عليه السلام - كان لا يتغذى إلا مع ضيفٍ، فلم يجد ذات يوم ضيفًا، فأخَّر غذاءه، فإذا هو بقوم من الملائكة في صورة البشر، فدعاهم إلى الطعام، فأظهروا أنَّ بهم علَّة الجذام، فقال: الآن يجب عليَّ مؤاكلتكم، فلولا عزَّتكم على الله تعالى .. لما ابتلاكم بهذا البلاء.
٦ - أنه تعالى {اجْتَبَاهُ} واصطفاه واختاره للنبوة والرسالة، كما قال: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (٥١)}.
٧ - {و} أنه تعالى {هداه} في الدعوة {إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}؛ أي: إلى طريق موصل إلى الله تعالى، وهو عبادة الله وحده لا شريك له، مع إرشاد الخلق إلى ذلك والدعوة إليه.
١٢٢ - ٨ {و} نحن {آتيناه}؛ أي: أعطيناه {فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً}؛ أي: ولدًا صالحًا، وسيرة حسنة عند كل أهل الأديان، فجميع أهل الملل يترضون عن إبراهيم، ولا يكفر به أحدٌ؛ أي: إنه سبحانه حببه إلى جميع الخلق، فجميع أهل الأديان مسلميهم ونصاراهم ويهودهم يعترفون به، وكفرة قريش لا فخر لهم إلّا به، وقد أجاب الله دعاءه في قوله {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (٨٤)}.
٩ - {وَإِنَّهُ} عليه السلام {فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ}؛ أي: لمن أصحاب الدرجات العالية في الجنة؛ أي: إنه في الآخرة في زمرة الصالحين، وهو معهم في الدرجات العلى من الجنة إجابةً لدعوته حيث قال: {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (٨٣)}.
١٢٣ - وبعد أن وصف إبراهيم بهذه الصفات الشريفة التي بلغت الغاية في علو المرتبة، أخبر أنه أمر نبيه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - باتباعه فقال:{ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} أيها